السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا فتاة عادية، جميلة ومثقفة، وواعية بشهادة الجميع، وأحضر لدراسة الدكتوراه، يعني فاهمة وواعية بجد على المستوى العلمي فقط برأيي الشخصي، تخطيت الثلاثين قريباً، منذ أربع سنوات تعرفت على شاب في مثل عمري، ظروفه الشخصية مماثلة لظروفي، نعيش كلانا في وسط عائلة متفككة، لا تهتم بأفرادها، ولا يجمعهم سوى جدران البيت الذي يأويهم، كلانا ملتزم دينياً، ونخاف الله، ولا نقطع فرضاً، وفي رمضان كنا نضع برنامجاً صارماً للتعبد والتقرب من الله، نحن لسنا منحلين ولا هدفنا الدردشة كباقي الشباب، تعلقنا ببعض تعلقاً لا مثيل له، فكلانا يشكو للآخر ما به، ويساعده في حل المشكلات.
تقدم لخطبتي منذ سنتين تقريباً، وتم الرفض الشديد من أهلي، حاول عدة مرات وفشل في نيل رضاهم، ومع هذا بقينا على تواصل دائم، ليس يومياً، بل في كل لحظة، فلا تمر ساعة إلا ونحن نتكلم على الهاتف والنت ليلاً ونهاراً، لا يفرقنا سوى وقت النوم، فقد ملأنا أوقات بعض، وكل ما أردناه هو بيت صغير يجمعنا لا أكثر، وتحت ضغط الرفض المتكرر من أهلي استطعت إقناعه بالابتعاد وبدأ حياته لوحده، -والحمد لله- بعد شهور من الإقناع استطاع تخطي هذه المرحلة، ولم شمله بزوجة صالحة استطاعت أن تملأ عليه بيته.
مشكلتي الآن الفراغ القاتل الذي أشعر به، فبعد أن كان هناك من يملأ علي حياتي، من أحبني بصدق وإخلاص، غدوت وحيدة تتقاذفني أمواج الحياة، لقد أحببته بصدق، ورجوت الله أن يجمعنا معاً، ولم يكن هدفنا نحن الاثنان سوى الحلال في طاعة الله، أعاني الأمرين منذ عدة أشهر، فلا حياتي مع أهلي عادية، ولا يوجد بيننا أي تواصل، ولا هناك من أفتح له قلبي، خارت قواي، وأنا التي ما فرحت يوماً ولا شعرت بحلاوة الأسرة أو بمعنى الأب أو الأم، ولم أشعر بالإخوة الذين كانت تتصارعهم ضروب الحياة، لقد وجدت من عوضني عن كل هذا، وها قد سلبته مني الحياة.
ابتعدت عن الله وتركت صلاتي لفترة، حتى في رمضان هذا العام، تعمدت الإفطار في أكثر من يوم، أشعر بالخوف من الله، ومن البشر، ومن كل شيء حولي، ولا أدري ماذا أفعل، أهملت دراستي، وتركت عملي، فكل ما فيه يذكرني به وبكل لحظة أمل أعطاني إياها، عندي هستيريا فظيعة من الأماكن التي سبق وأن مررنا بها معاً، والأماكن التي تحدثنا فيها، حتى الأماكن التي كنت أجلس لأفتح النت وأحادثه فيها.
لا أستطيع النوم، أعاني من رهاب النوم، وأحمل هاتفي، أحاول أن أكلمه ثم أتراجع، فأنا أرجو له حياة هادئة بعيداً عني، ولا أستطيع تحمل الغربة التي أعاني منها، فلا أحد يقدر معنى أن يكون محاطاً بالحب والعطف والامتنان أعواماً، بعد أن عاش حياته متلهفاً على ابتسامة واحدة من عابر سبيل، ثم يحرم فجأة من كل هذا.
أتمنى الموت في اليوم عدة مرات، ولا يبعدني عن الانتحار سوى خوفي من الله، أريد حلاً، أريد أن أنسى كل ما مضى، وأبدأ من جديد، أريد أن أتعود على قسوة الحياة مرة ثانية، فتخور عزائمي، أريد أن أعود لله، أريد أن أغير حياتي، أدعو الله بالفرج، ولا أدري من أين أبدأ والفشل، يحيطني من كل مكان.
عذراً على الإطالة، ولكنني رأيت في موقعكم سعة صدر، وهو أملي الوحيد الآن.