السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أنا طالب جامعي في كلية الطب وحديث الالتحاق بالجامعة (عام واحد), وهنا مكمن المشكلة.
لقد عانيت من الوساوس منذ صغري بكل أشكالها, من وساوس الطهارة, وساوس الصلاة, وساوس الأمراض, مثال كنت أخاف من السكري, وأتجنب أكل الحلويات, وأذاقتني هذه الفكرة كآبة وإحباطا شديدا في الابتدائي وفي الدراسة عموما, وقد كانت تأتيني بشكل متقطع, يعني شهرين أقل أو أكثر ثم أنساها, عاودتني لكني تغلبت على هذا الخوف من السكري ولله الحمد والمنة.
كما عانيت من وسواس الموت, حيث كان خبر وفاة قريب أو جار يسبب لي في صغري حالة نفسية غريبة, شعورا بالاختناق, وضيقا في التنفس يكاد يقتلني, فلا أكاد أتحكم في أنفاسي, وهو ما أرّقني ليال كثيرة, ومرة تسلطت علي هذه الفكرة في الصلاة فلا يكاد ينهي الإمام الصلاة إلا وأنا منهك من شعوري بالاختناق والذي يكاد يقتلني.
على كلٍ هي معاناة نفسية عشتها في صغري, ومازلت أتلظى بنارها, وقد تقاسمت تلك المعاناة في بداية الأمر مع أمي وأهلي, ولكن فيما بعد صرت أكثر كتما لتلك الوساوس, أعاني في صمت من سلسلة احباطات وكآبة شديدين, ولا أنكر أني عشت أياما سعيدة لعبت فيها ومرحت مع أقراني, وقد كنت دوما متفوقا في دراساتي رغم تلك المعاناة, فقد كنت ربما مستمتعا بحياتي الدراسية وتميزي, ولكن مازاد الطينة بلة فيما بعد أني أصبت بقصر النظر, وهو ما لم أتقبله, وصار شغلي الشاغل فلا أنا بحت بمعاناتي لأحد و لا أنا اقتنيث نظارات طبية.
كنت أنظر إلى النظارات على أنها نقيصة لأخلق بذلك معاناة جديدة دامت ثلاث سنوات, ما كان فيها جليسي في القسم يعلم بقصر نظري لأتشجع بعد صراع مرير مع الأحاسيس السلبية تجاه النظارات والمرض؛ فزرت طبيب العيون, وارتديت النظارات رغم عنادي ورفضي الشديد لها, لتمر هذه المحنة مخلفة في أعماقي الكثير من الجراح.
كما ظهرت في منذ الصغر بوادر الإصابة بالرهاب الاجتماعي, غذته تلك المعاناة والإحباطات والمشاعر, ومنذ سنوات قررت أن أخوض حربا ضروسا تجاه هذا الرهاب والوساوس القاتلين, وربما نجحت في التقليل منهما على الأقل, فأنا الآن إنسان اجتماعي طبيعي, نميت ثقتي بنفسي, تمكنت إلى حد كبير في تحويل الأفكار السلبية إلى أخرى إجابية, فأنا الآن أعيش طمأنينة نسبية بعد اكتسابي لمعارف من خلال النت, ومن كتب في التنمية البشرية, وكيفية العلاجات السلوكية للرهاب الاجتماعي, فحسنت من حياتي.
هذه مجمل معاناتي النفسية التي عشتها, لكن ما يؤرقني هو أنني قبل أشهر ماضية عانيت قلقا شديدا بسبب علامتي في الباكلوريا التي كانت دون طموحي, أعادتني إلى حالة الاختناق, وضيق النفس. ووسواس الموت لم تفارقني طيلة الصيف, كانت تزداد حدتها بسماع خبر وفاة أحدهم بشكل فضيع, منعت عني النوم ليال كثيرة, حتى صرت أحسب لقدوم الليل ألف حساب, ولم أستطع بسببه أن أصلي التراويح في المسجد في رمضان, ولم أتخلص منه إلا بصعوبة بعودتي لمقاعد الدراسة التي أنستني وخلصتني منه.
وأنا أشعر هذه الأيام بحال أفضل وراحة بال ولله الحمد, لكن الذي يخيفني الآن هو فكرة أن طبيعتي النفسية لا تؤهلني لكي أكون طبيبا ناجحا, فأنا أخاف من عودة وسواس الموت نتيجة لطبيعة المهنة التي اخترتها, وأخشى أن لا أكون قادرا عليها رغم أني أحبها جدا, واستمتع بدروسها, وطالما كنت متفوقا في مادة العلوم الطبيعية والحياة, فهي كانت أفضل المواد عندي, وعلى هذا الأساس اخترت الطب.
فأرجوكم بم تنصحوني؟ هل سأستمر في دراستها ولا يجب أن ألتفت لهذه المخاوف أم أني يجب التخلي عنها لمجرد هذه المخاوف التي فحواها أن هذه المهنة ستسبب لي المزيد من وسواس الموت ...؟ وهل من علاج نهائي للرهاب والوسواس؟
أرشدوني جزاكم الله خيرا.