جاءت توجيهات الشرع الحنيف شاملة للرجال والنساء تحثهم على اغتنام شهر رمضان في العبادات والطاعات والقربات إلى الله تعالى، وعدم تضييع هذا الشهر فيما لا يُقرِّب إلى الله من الأعمال. ومما يؤسف له أن بعض النساء لا يفقهن المراد من شهر الصيام سوى الامتناع عن الطعام والشراب فحسب، ثم هن بعد ذلك يقعن في بعض الأخطاء التي ينبغي الاحتراز منها، والابتعاد عنها، ومن تلك الأخطاء:
أولاً: ضياع أوقات كثير من النساء بالنهار في إعداد الطعام، والتفنن في الموائد والمأكولات والمشروبات، حيث تقضي المرأة معظم نهارها في المطبخ، ولا تنتهي من إعداد هذه الأطعمة إلا مع أذان المغرب، فيضيع عليها اليوم دون ذِكْر أو عبادة أو قراءة للقرآن، وينبغي على الأخت المسلمة أن تحفظ وقتها في هذا الشهر الكريم، وأن تقتصد في الطعام والشراب فتصنع ما لا بد منه وتكتفي بصنف أو صنفين، وأن تتعاون النساء في البيت الواحد بحيث تعمل واحدة وتتفرغ الأخرى للعبادة والذكر وتلاوة القرآن.
ثانياً: ضياع الأوقات بالليل في الزيارات التي قد تمتد لساعات متأخرة من الليل وربما إلى قبيل الفجر، أو الانشغال بمتابعة القنوات والبرامج التلفزيونية، فتقضي المرأة معظم ساعات الليل في مشاهدة ذلك، وكان الأولى بها أن تحيي ليلها بعبادة الله وذكره وشكره وتلاوة كتابه.
ثالثاً: خروج بعض النساء إلى المسجد لصلاة العشاء والتراويح بلباس الزينة مع التعطر والتطيب مع ما في ذلك من أسباب الفتنة والإثم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أيما امرأة أصابت بخوراً، فلا تشهد معنا العشاء الآخرة) رواه مسلم، ويقول: (أيما امرأة استعطرت، ثم خرجت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها، فهي زانية) رواه أحمد.
رابعاً: الاختلاط الذي يحصل بين النساء والرجال عند الخروج من المسجد بعد صلاة التراويح، ما قد يتسبب في حصول الفتنة، والواجب عليهن أن يبادرن بالخروج قبل الرجال، ولا يمشين إلا في حافة الطريق وجوانبها، فهو الأستر والأحفظ لهن، وقد قال صلى الله عليه وسلم للنساء لما رآهن مختلطات بالرجال في الطريق: (استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق) رواه أبو داود.
خامساً: فتور بعض النساء عن العبادة حال الحيض والنفاس، فتظن أنها في رخصة من كل أنواع العبادة التي تقربها إلى الله جل وعلا، مع أنه يمكن للحائض أن تؤدي كثيراً من الطاعات حال حيضها كالمداومة على الذكر والدعاء، والصدقة، وقراءة الكتب النافعة، والتفقه في الدين، بل لها أن تقرأ القرآن على القول الصحيح دون مس للمصحف، إلى غير ذلك من الأمور التي ينبغي أن تحرص عليها الأخت المسلمة.
سادساً: الانشغال في العشر الأواخر من رمضان بالتجهيز للعيد، والتجوال في الأسواق ومحلات الخياطة لشراء الملابس، وهو خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يجتهد في هذه العشر ما لا يجتهد في غيرها، ويمكن للمرأة شراء حاجاتها وحاجات أولادها قبيل شهر رمضان، أو في الأيام الأولى منه بحيث تتفرغ تفرغاً تاماً إذا دخلت العشر.
سابعاً: من الأخطاء أن بعض النساء قد تطهر قبيل الفجر، ولا تتمكن من الغسل لضيق الوقت، فتترك الصيام بحجة أن الصبح أدركها قبل أن تغتسل، مع أن الواجب عليها أن تصوم ولو لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر؛ لأن الطهارة ليست شرطاً لصحة الصوم.
ثامناً: إنكار البعض على بناتهم إذا أردن الصيام بحجة أنهن صغيرات، وقد تكون الفتاة من اللواتي بلغن سن المحيض، فإذا أرادت الصيام منعها أهلها من غير أن يسألوها عن مجيء الحيض أو لا، فقد تكون بلغت سن التكليف الذي يجب فيه الصوم وهم لا يعلمون بذلك.
تاسعاً: خروج كثير من النساء إلى الأسواق مع السائق الأجنبي ومن غير محرم، وقد يخالطن الباعة، فتحصل الخلوة المحرّمة، التي تقود إلى أمور لا تحمد عقباها، فعلى المرأة الشّريفة العفيفة أن تتجنّب مواطن الريبة، وأن تبتعد عن أماكن الاختلاط ونظرات العابثين، وأن تلتزم بلباس الحشمة والحياء حتى لا يطمع فيها طامع، أو يتطلع إليها فاسد، وقد قال تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله} (الأحزاب:33).