الشيخ مصطفى إسماعيل من القراء الذين ذاع صيتهم، واشتهر أمرهم، والتف الناس من حولهم، لسماع آيات القرآن الكريم؛ ويُعد رحمه الله نبوءة الشيخ محمد رفعت. فمن هو الشيخ مصطفى إسماعيل، وماذا عن رحلته مع القرآن الكريم.
البداية كانت من قرية ميت غزال محافظة الغربية من جمهورية مصر العربية، حيث ولد الشيخ فيها سنة (1322هـ-1905م) من أسرة كان لها شأن في تلك القرية. ألحقه والده منذ سن مبكر بالكُتَّاب لحفظ القرآن، وعلى الرغم من تلكئه عن الأمر بداية -على عادة صغار السن في ذلك- بيد أنه أخيرًا أفلح وأنجع، وأتم حفظ القرآن الكريم، وكان له من العمر اثني عشر عاماً.
بعد ذلك، بدأت شهرة الشيخ تشق طريقها من خلال القراءات التي كان يؤديها في المساجد وغيرها، والتي من خلالها تم له الالتقاء بالشيخ محمد رفعت، الذي استمع إلى قراءته، وأثنى على أدائه ثناءً حسناً، وشجعه على متابعة القراءة بعد إتقان أحكام التجويد، وفنون التلاوة.
عمل الشيخ مصطفى بتوجيه الشيخ محمد رفعت ونصيحته، فأخذ على نفسه عهدًا بإتقان التجويد عن طريق أهل ذلك العلم، فلزم الشيخ محمود حشيش -وكان من قرَّاء المعهد الأحمدي- الذي تعاهد الشيخ بالمتابعة والتوجيه، إلى أن آتت تلك الجهود أكلها مباركة طيبة.
ومع أن الشيخ مصطفى إسماعيل كان من المعجبين والمتأثرين بصوت الشيخ محمد رفعت، والشيخ عبد الفتاح الشعشاعي وغيرهما. غير أنه مع ذلك أخذ يشق لنفسه طريقًا خاصًا ومميزًا، حتى أثمر ذلك مدرسة لها أداؤها الخاص، ومنهجها المميز.
ثم قُدِّر للشيخ مصطفى بعدُ أن يزور القاهرة، ويقرأ في الجامع الأزهر الشريف ما تيسر من القرآن، ومن خلال ذلك عُرف الشيخ وذاع صيته، واعتمد من ثَمَّ في الإذاعة المصرية قارئاً، وكان قبلُ قد عُيِّن رسميًا قارئًا في القصر الملكي.
امتاز الشيخ مصطفى رحمه الله بعذوبة صوته، وقوة أدائه، وعُرف عنه أنه صاحب نَفَس طويل في القراءة التجويدية، فكان صاحب مدرسة جديدة في أسلوب التلاوة والتجويد.
سجَّل الشيخ مصطفى إسماعيل بصوته القرآن الكريم كاملاً مرتلاً، وترك وراءه العديد من التسجيلات المجوَّدة، التي لا تزال إذاعات القرآن الكريم -جزاها الله خيراً- تصدح بها صباح مساء.
وقد تلقى الشيخ إسماعيل الدعوات والطلبات من دول عربية وإسلامية للقراءة فيها، فلبى تلك الدعوات، وسافر إلى العديد من تلك الدول، وقرأ فيها ما فتح الله عليه أن يقرأ.
في سنة (1398هـ-1987م) وأثناء سفر الشيخ إلى مدينة الإسكندرية للقراءة في بعض المناسبات، كان الشيخ على موعد آخر في غير هذه الدار، إذ وافته منيته، وغادر الدنيا الفانية إلى الدار الباقية، رحم الله الشيخ رحمة واسعة، وأجزل الله له الثواب والمغفرة على ما قدمه من خير للمسلمين {وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا} (المزمل:20).