اعتزل ذكر الغواني والغزل وقل الفصل وجانب من هزل
ودع الـذكـرَ لأيـام الـصــبــا فــلأيــام الصـبــا نـجـمٌ أفــل
إن أهــنـا عـيشـة قضيتهـا ذهـبـت لـذاتـها والإثــم حــل
واتـرك الغـادة لا تحـفل بها تُمس في عِـز وتـُرفَـع وتُجل
وانه عـن آلـة لهـو أطـربت وعـن الأمـرد مـرتــج الـكفـل
وافتكر في منتهى حسن الذي أنت تـهـواه تـجـد أمــراً جلل
واهجر الخمرة إن كنت فتى كيف يسعى في جنونٍ مَن عقل
واتـق الله فـتــقوى الله مـا جـاورت قـلب امـرئ إلا وصـل
ليس من يقطع طرقاً بطـلاً إنـمـا مـن يـتـقي الله البـطـل
صَدِّق الشرع ولا تركن إلى رجـل يـرصـد في اللـيل زحـل
حارت الأفكار في قدرة من قـد هـدانـا سـبلـنـا عـز وجـل
أي بُنيَّ اسْمَعْ وصايا جَمَعَتْ حِـكَمـاً خُـَّصت بها خيرُ المِلَل
اطلب العـلـم ولا تكسل فما أبعد الخير على أهـل الكسل
واحتفل للفقه في الدين ولا تـشـتـغل عـنه بـمـال وخـول
واهـجر الـنوم وحصـله فمن يعرف المطلوب يحقر ما بذل
لا تـقـل قـد ذهـبـت أربـابـه كل من سار على الدرب وصل
في ازدياد العلم إرغام العِدا وجـمـال الـعلـم إصلاح العمل
جَمِّـل الـمـنطق بالنحو فمن يحرم الإعراب بالنطق اختبـل
مات أهل الفضل لم يبق سوى مقرف أو من على الأصل اتكل
أنـا لا أخــتـار تــقـبـيــل يـــدٍ قـطعـهـا أجـمل من تلك القبل
إن جزتني عن مديحي صرت في رقـها أو لا فيـكفيني الخجل
مُلك كسرى تُغني عنه كسرةٌ وعن البحر اجتزاء بالوشل
أعـذب الألـفاظ قولي لك خــذ وَأَمــرُّ اللـفـظ نطـقي بلعل
اعـتـبر نـحـن قسـمـنـا بينهـم تلقــه حـقـاً وبـالـحـق نـزل
ليس ما يحوي الفتى من عزمه لا ولا ما فات يوماً بالكسـل
اطـرح الـدنـيا فـمـن عـاداتـهـا تخفض العالي وتعلي من سفل
عـيشة الراغب في تحصيلـها عيشة الجاهد فيها أو أقل
كـم جـهـول وهــو مُـثرٍ مـكـثر وعلـيـم مــات مـنها بالعلل
كم شجاع لم ينل فيها المنى وجـبــان نـال غـايات الأمل
أيُّ كـف لـم تَـفـد مـمـا تُــفــد فــرمــاهـا الله منه بالشلل
لا تـقـل أصـلي وفصـلي أبـداً إنما أصل الفتى ما قد حصل
قـد يسـود الـمـرء مـن غير أبٍ وبحسن السبك قد ينفى الزغل
وكذا الـورد مـن الشـوك ومــا يطلـع النـرجـس إلا من بصل
قيـمـة الإنسـان مـا يـحسـنـه أكـثـرَ الإنـسـانُ مـنـه أو أقـل
اكـتـم الأمـريـن فـقـراً وغـنى واكسب الفلس وحاسب من بطل
وادَّرع جــداً وكــداً واجــتـنـب صحبة الحمقى وأرباب الخلل
بـيـن تـبـذيـرٍ وبُــخـل رتـبــةٌ.. وكـــلا هـذيـن إن دام قــتــل
لا تخض في سب سادات مضوا إنـهــم لــيـسـوا بأهل للزلل
وتَــغَــافــل عــن أمــــور إنه لـم يـفـز بالحمد إلا مـن غفل
ليس يخلو المرء من ضدٍ وإن حـاول العزلة في رأس جـبل
مِـل عن النَّـمـام وازجره فما بَـلَّــغَ الــمكــروه إلا مـن نقل
دارِ جَــار السّـوء بالـصبر وإن لم تجد صبراً فما أحلى النُقل
جانب السلطان واحذر بطشه لا تـعـانـد مـن إذا قال فعل
لا تَلِ الحُكــم وإن هـم سـألوا رغبة فيك وخالف من عذل
إنَّ نِصــفَ النــاس أعـداءٌ لِمَن ولي الأحـكام هذا إن عـدل
فـهـو كالمـحبــوس عـن لذاته وَكِلا كَفَّيه في الحـشر تُغَل
إن للنـقص والاسـتـثـقال في لفظة القاضي لوعظاً ومثل
لا تـوازي لـذة الـحــكـم بــمـا ذاقه الشخص إذا الشخص انعزل
فـالـولايـات وإن طــابـت لمن ذاقها فالسم في ذاك العسل
نَصَبُ المنصب أوهى جـلدي وعنائي مـن مداراة السِفل
قصِّر الآمــال في الــدنيـا تفز فـدلـيـل العقل تقصير الأمل
غِـبْ وَزُرْ غِـبـاً تـزد حُـباً فَمَـن أكـثـر التـرداد أقـصـاه المـلل
خذ بحد السيف واترك غمده واعتبر فضل الفتى دون الحُلل
لا يــضـر الفضــلَ إقـلالٌ كما لا يضر الشمس إطباق الطفل
حبــك الأوطــان عجـز ظاهرٌ فاغـترب تلقَ عن الأهـل بـدل
فبمُكثِ الـمـاء يبــقى آسـناً وسُـرى البـدر به البدر اكتمـل
لا يــغرنـك لـيـن مــن فـتـى إن للــحــيات لــيــنــاً يُــعـتزل
أنا مـثـــل الماء سهل سائغٌ ومـتى سُـــخِّــن آذى وقــتـل
أنا كالخـيـزور صــعب كسره وهــو لينٌ كيفما شـئت انفتل
غير أني في زمــان من يكن فيه ذا مال هو المولى الأجل
واجـب عـند الـورى إكـرامــه وقـلـيـل الـمـال فيهـم يستقل
كلُّ أهــل العـصـر غـمـرٌ وأنا مـنـهـم فاترك تفاصيل الجُـمل