تعالت صيحات التحذيرات من مخاطر تدخين «الشيشة» مؤخرا، ويصف المراقبون تفشيها في العالم بأنه «وباء حقيقي»!! وقد أظهر المسح العالمي لاستخدام التبغ بين الشباب الذي يغطي الحقبة 1999-2008م ويشمل نصف مليون مشارك حول العالم، أن تدخين السجائر قد استقرّت نسبته أو تراجعت، ولكن أنواعاً أخرى من التدخين آخذة في الانتشار وأهمها تدخين الشيشة.
ويعتبر الشرق الأوسط واحدا من المناطق الأكثر استهلاكا للتبغ في العالم .. وبحسب أطلس التبغ، فقد شهد العقد الأخير زيادة لافتة في عدد المدخنين بدول الشرق الأوسط، وشكلت فئة الفتيان نسبة تقترب من 15 % والفتيات نسبة 9 % من إجمالي عدد المدخنين.
وتشير الدراسات المسحية الحالية إلى حقائق مقلقة، إذ تُظهر دراسة من العام 2011م في لبنان أن ما يقرب من 35% من الفتيان والفتيات الذين تتراوح أعمارهم بين 13-15عاماً يدخّنون الشيشة بانتظام، التي قد تختلف تسمياتها (أرجيلة ونارجيلة). وبالإضافة إلى ذلك، فإن ما يقارب60% من المراهقين من الفئة العمرية ذاتها جرَّبوا تدخينها مرة واحدة على الأقل في تلك السنة.
أما في الأردن فقد ارتفعت نسبة تدخين الشيشة بين المراهقين بمقدار 72% بين الفتيان، 36% بين الفتيات، ما بين العامين 2008 -2011م، بحسب دراسة نُشرت في العام 2013م في المجلة الأوروبية للصحة العامة.
وقال البروفسور (توماس أيسنبرج) الأستاذ المشارك في دائرة علم النفس في كلية الإنسانيات والعلوم ومدير مركز دراسة المنتجات التبغية في جامعة فرجينيا كومونولت: "إن تدخين الشيشة شعبي جداً في العالم العربي. وأردنا أن نُصدر الملحق للفت النظر خلال «المؤتمر العالمي حول التبغ أو الصحة» إلى أن هذا النوع قد انتشر بشكل بتنا نعرف أنه خطير".
وكشفت بعض الأوراق البحثية أن ستة ملايين شخص في العالم يموتون سنويا بسبب التدخين، وهو رقم يفوق إلى حدٍّ بعيد أعداد ضحايا الكوارث الطبيعية، وحتى الأوبئة الفيروسية والجرثومية.
فروق خطيرة
نعم التدخين كله شر لا فرق بين السجائر أو الشيشة أو غيرها من وسائل التدخين، كما أن الموضوع ليس دعوة لاستبدال الشيشة بالسجائر، لكنه نوع من تجلية الحقائق وإيضاح المضار المترتبة من الشيشة والتي تفوق مخاطر السجائر، ورغم أن معسل الشيشة هو نفسه تبغ السجائر الحنتوي على النيكوتين والقطران وأول أكسيد الكربون والمعادن الثقيلة مثل الزرنيخ والرصاص وإلا أنها تتفوق عليها ضررا من وجوه كثيرة:
- كل «نفس» شيشة يوازي تدخين سيجارة واحدة. كما أوضحت منظمة الصحة العالمية أنّ جلسة واحدة من تدخين الشيشة قد تساوي تدخين من 20 - 30 سيجارة.
- تدخين دورة واحدة من الشيشة يطلق ما معدله أربعة أضعاف المادة المسرطنة (PAH)، وأربعة أضعاف الألدهايد الطيار، وثلاثين ضعف أول أكسيد الكربون ما تطلقه سيجارة واحدة. كما أظهرت دراسات أن تدخين ساعة من كاملة من الشيشة يطلق في الجو المحيط من المواد المسرطنة والسامة ما تطلقه 10-20 سيجارة. أي أن تأثير التدخين السلبي الناتج عن تدخين الشيشة قد يفوق في خطره تدخين السجائر.
- تدخين الشيشة لمرة واحدة لمدة 45 دقيقة له أثرا سلبيا على وظائف الرئة. وارتفاع حاد بنسبة غاز أول أكسيد الكربون السام من 307 جزء في المليون إلى 24.2 جزء في المليون.
- تدخين الشيشة لمدة ساعة يعرض المدخنين لمستويات كبيرة جداً من الدخان تقدر بنحو 100 -200 ضعف من كمية دخان السجائر. لأن قارورة الشيشة الزجاجية يتجمع بها قدرا كبيرا من الدخان مما يجعل المدخن كما لو أنه يتنشق علبة سجائر كاملة أو أكثر في وقت واحد.
- أثناء تدخين الشيشة يميل المدخنون إلى إطالة زمن سحب الدخان مما يزيد من تشبع الرئة به وارتفاع نسبة الخطورة منه بالمقارنة بالضرر الناجم من تدخين السجائر (100 ضعف السموم الموجودة بالسجائر العادية) حيث يحتوي دخان الشيشة على أكثر من أربعة آلاف مادّة ضارّة أهمها: النيكوتين، والمعادن الثقيلة، وأوّل أكسيد الكربون والقطران وغيرها من المواد السامّة.
- الدخان المنبعث من الشيشة يحتوى على مستويات قاتلة من اليورانيوم والرصاص، وهى من العناصر السامة التي ترفع فرص الإصابة بأمراض القلب والسرطانات على المدى البعيد، وخاصة ًسرطان الرأس والعنق. جدير بالذكر أن مستويات اليورانيوم بالدم جراء تدخين الشيشة تصل إلى حدود خطيرة للغاية، تقدر بنحو 26 ضعف المستويات الموصى بها.
- توصى منظمة الصحة العالمية "WHO" وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية "FDA" بألا يزيد الحد الأقصى من اليورانيوم داخل مياه الشرب التي يتناولها الإنسان عن 30 ميكروجرام بكل لتر "30 جزءا في المليون"، بينما كشفت النتائج المخبرية أن مستوياته في دخان الشيشة بلغ حوالي 800 جزء من المليون، وهو ما يعد أمراً خطيراً للغاية.
- من السموم الإضافية في دخان الشيشة (الهيدروكربون الاروماتي البوليسكلي) وهي مادة لا توجد في دخان السجائر وهي أحد المواد المسرطنة الفتاكة، حيث وجد أن 85 - 90 % من مرضى سرطان الرئة هم من المدخنين للمعسل.
- تدخين الشيشة يؤدي إلى ارتفاع مستوى النيكوتين والكوتينين في بلازما الدم واللعاب وكذلك في البول وبالتالي فهو يؤثر على أنسجة الفم واللثة، ويسبب سرطان الشفاه لأن الاحتراق يؤدي إلى تقرحات شديدة تصيب النسيج الحرشفي للشفة السفلية فيتغير لونها وتتورم.
- التبغ المستعمل في تحضير المعسل يحتوي على نسبة كبيرة من المبيد الكيماوي السام (دي تي تي) بنسبة مرتفعة، بل هنالك أكثر من 140 ملجم من المعادن الثقيلة وكمية كبيرة من السموم في كل كيلو جرام من التبغ .
- الخرطوم الذي يستخدمه المدخن في السحب عند تدخين الشيشة والصمام الذي يطرد منه الدخان الزائد هما مصدر الخطورة الأكبر في الشيشة، ففيهما تنتقل ملايين الميكروبات من مدخن إلى أخر حتى أصبحت الشيشة أهم ناقل للعدوى الميكروبية بين أوساط المدخنين وخاصة مرض الدرن (30-40% من أنابيب الشيشة تحتوي على العصيّات المسبّبة للسلّ الرئويّ)، وبكتيريا الهليكوبكتر التي تسبب قرحة المعدة، ومسببات التهاب الكبد الوبائي (ب).
- المعسل المنكه بالتفاح -وغيره من أنواع المنكهات- ليس أقل ضررا كما يعتقد البعض، حيث كشفت البحوث أن خطر المواد السرطانية في حالة الشيشة بالنكهات يتضاعف. كما أن الرائحة المميزة لدخان شيشة التفاح يعطى انطباع باللذة والمتعة مع إحساس بأنها أكثر قبولا لدى الجالسين في مجلس تدخين الشيشة حتى ولو كانوا من غير المدخنين، وهذا من شأنه أن يزيد النهم للتدخين ويزيد الطين بلة بالنسبة لنعمة الصحة.
- لا يفوتنا أن نذكر أضرار أوراق الألومونيوم التي تتفاعل مع الفحم الساخن لتنتج في نهاية المطاف المواد المسرطنة. بالإضافة إلى أن المواد المستخدَمة لإشعال التبغ، مثل الخشب سريع الاحتـراق أو الفحم الخطيرةً على صحة الإنسان، بسبب المواد السامّة الّتي تنبعث منها.
- يعتقد بعض مدخني الشيشة أنها لا تسبب الإدمان لأن النيكوتين يمتص في المياه المستخدمة في الشيشة .. ولكن هذا الأمر غير صحيح, حيث أن المياه تمتص بعضاً من النيكوتين فقط. بالإضافة إلى أن الماء لا يفلتر المواد السامة والمسرطنة التي يحتويها تبغ الشيشة.
- مادة النيكوتين في الشيشة لها تأثير على الأوعية الدموية، وتجعلها تتقلص وهذا يؤدي إلى شحوبة الوجه ويجعل وجه المرأة رمادياً، كما إنه يسبب تجاعيد مبكرة ويؤثر على الشعر والأظافر، إضافة إلى اصفرار الأسنان، والشيشة لها تأثير على الدورة الشهرية وتقلل من خصوبة المرأة وتسبب العقم أحياناً، والمرأة الحامل يسبب تدخين الشيشة لها نقصاً في نمو الجنين وصعوبة في تنفسه، إضافة إلى الإجهاد المتكرر لها.