يعتبر قضم الأظافر من العادات القهرية الشائعة في الطفولة وبين الكبار، وكثير ممن يقضمون أظافرهم يستمرون في قضمها بصورة متكررة، بحيث تبدو الأظافر قبيحة أو تدمى، ومعظمهم لا يستطيعون التخلص من تلك العادة مع التقدم في العمر.
والطفل الذي يقضم أظافره، هو بشكل عام، حيوي كثير الحركة، ولكن قليلاً ما يعبّر عن مشاعره أو حساس لدرجة مفرطة. ويقف الضغط النفسي خلف إصابة الطفل بهذه العادة (التوتر والقلق وضغوطاً في المنزل أو في المدرسة..)، وذلك كنتيجة لعدم استطاعته التعبير عن قلقه ومخاوفه. لذا، يصبح قضم الأظافر مجرّد تفريغ عمّا يدور في داخله.
وإذ يعتبره عدد من الأطباء تصرّفاً غريزياً على غرار مصّ الإصبع، غالباً ما تهدأ حالة الطفل المتوتّرة بعدها، أي أنّ العادة العصبية تساعده في التغلّب على القلق والبقاء هادئاً في المواقف الصعبة، إلا أن قضم الطفل ظفره حتى يسبّب لنفسه جروحاً جلدية، يجعل القلق عليه مبرراً، لأن ذلك يدلّ على أن هناك عدوانية تجاه الذات، ويحتاج في هذه الحالة إلى مساعدة نفسية من قبل اختصاصي.
الدوافع
• القلق والتوتر العصبي، فيلجأ إلى ممارسة هذه العادة لإفراغ توتره، والتعبير عن قلقه.
• حدوث تغييرات كثيرة في حياة الطفل في وقت واحد، كانتقاله إلى بيئات خاصة (الحضانة مثلاً) أو إصابته ببعض الأمراض الجسمانية الطويلة المدى.
• وصول مولود جديد للأسرة، وهذه قد تعتبر صدمة شديدة للطفل، وقد لا نشعر نحن بذلك.
• كثرة منع الطفل في المدرسة أو البيت عن أشياء يحبّها، مثل اللعب.
• سوء التوافق الانفعالي، بمعنى أنّ الطفل يقوم بقضم أظافره رغبةً في إزعاج والديه، أو قد تكون هذه العادة عقاباً من الطفل لنفسه نتيجةً لشعوره بالسخط على والديه وعدم استطاعته تفريغ شحنته فيهما، فتتجه تلك المشاعر العدوانية التي يكنّها لهما نحو ذاته.
• الضغط على الطفل بالطلب منه القيام بأمور تفوق قدراته، فيشعر بالخوف من تحقيق أي شيء، مما ينعكس هذا الخوف في صورة قلق وتوتر. ويكون قضم الأظافر، من مظاهر هذا القلق أو قد يكون ردة فعل لقيام أحد الوالدين بضربه أو توبيخه.
• تقليد الطفل لأقرانه في المدرسة أو لأحد في المنزل.
• ضعف الرقابة من قِبل الوالدين، والسماح للطفل بهذه الأفعال دون إرشاد أو توجيه.
• معاناته من الضعف العقلي.
في دائرة الضوء
أعلن عدد من أطباء علم النفس بلندن أن معظم الرجال والنساء الذين يقضمون أظافرهم كانوا يمارسون هذه العادة منذ الصغر حتى اعتادوا عليها، وأن قضم الأظافر مؤشر واضح على التوتر أو القلق، وهي عادة شائعة في سن الطفولة؛ فالدراسات تشير إلى أن40% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين خمسة أعوام وثمانية عشر عاماً يقضمون أظافرهم، بل إنهم لا يكتفون بالظفر ويصل الأمر حتى الجلد الموجود على جانبي الظفر، فينتج عنها تشققات تساعد في حدوث العدوى الميكروبية والفطرية، أو ربما ضعف الجسم نتيجة السموم الموجودة في الأظافر.
وفي دراسة أخرى أشار باحثون إلى أنه - ونتيجة للعب في ظروف غير نظيفة داخل البيت أو خارجه- يتراكم الرصاص على الأظافر، والمعروف عن الرصاص أنه مادة سامة، ويؤدي إلى مشكلات في النمو عند الأطفال، ويؤذي الخلايا العصبية والتي بدورها تقلل من معدل الذكاء.
وقضم الأظافر قد يفسر سرّ ارتفاع نسبة الرصاص لدى بعض الأطفال؛ ففي روسيا وجد الباحثون من خلال دراساتهم أن اثنين من كل ثلاثة أطفال في بعض المناطق يعانون من مستويات عالية بشكل مقلق من الرصاص، واعتمدت مستويات الرصاص عند الأطفال على ما إذا كان الأطفال يعيشون في مناطق صناعية مزدحمة أو معتادين اللعب بالتراب، ومن ثم قضم أظافرهم أو أنهم اعتادوا قضم أقلام الرصاص، ومن المعروف وجود الرصاص بصورته الطبيعية في التربة، كما أنه يوجد في الفواكه والخضار التي يتناولها بعض الناس دون غسلها، لذا من المهم أن تحرص الأم على نظافة طفلها والطعام الذي يُقدّم له.
منارات عملية
تساهم هذه الخطوات في جعل الطفل يتخلّى عن هذه العادة السيئة، وذلك وفق الشكل التالي:
• بما أن الطفل يكون غير مدرك لعادته هذه وعواقبها فيجب على الأهل في المرحلة الأولى توعيته بسلبيات هذه العادة، والطلب منه التخلي عنها من خلال إقامة حوار هادئ ومريح، ومراعاة البعد تماماً عن توبيخه أو انتقاده أو ومعاقبته؛ لأن ذلك من شأنه تطوير العادة العصبية.
• حسن معاملة الطفل، وإحاطته بالمودّة والحب، وتوفير الجو النفسي الهادئ له، وإبعاده عن مصادر الإزعاج والتوتر.
• يجب على الوالدين محاولة التحدّث مع الطفل للتعرّف على الأسباب التي تشعره بالقلق والتوتر.
• يجدر بالوالدين إدراك أنّ هذه العادة تشير بوضوح إلى مشكلة تزعج الطفل، وأن يحاولا التعرّف عليها. وفي هذا الإطار، عليهما أن يتجنّبا إظهار الانزعاج له، إذا كان يمارس هذه العادة، كما يجب عليهما الابتعاد عن استخدام أسلوب التعنيف أو الضرب، لأنّ هذه الأساليب تزيد من خوف الطفل، ممّا يزيد من شعوره بالقلق والتوتر ويعجز عن إراحة يديه.
• ضرورة البعد عن معايرة الطفل بسلوكه كي لا يحاول القيام به في الخفاء، فيُصاب بالإضافة لهذه العادة إلى انعدام الرقابة الذاتية عنده، فيتعمد القيام بهذا السلوك غير المرغوب بعيداً عن عيون من حوله.
• في بعض الحالات قد تفيد مناقشة الطفل وإقناعه بضرورة إقلاعه عن هذه العادة المنبوذة من قِبل الآخرين.
• تقليم أظافر الطفل أولاً بأول، وعدم تركها تطول.
• وضع مادة مرّة على أظافر الطفل بشرط تعريف الطفل بالهدف من ذلك، وهناك مستحضرات تستعمل خصيصاً لهذا الغرض.
• العلاج السلوكي، ويمكن إشراك الطفل في هذا العلاج بأن يكون له دور مباشر، وهذا يعتبر أيضًا نوع من العلاج بالإيحاء، كأن نطلب منه يوميًّا أن يدهن أصابعه بزيت الزيتون.
• إشغال الطفل بأنشطة متنوعة تمتصّ الطاقة والتوتر، كألعاب العجين والصلصال، والرسم .. أي إتباع أسلوب التشتيت ولفت انتباهه بأشياء أخرى مفيدة.
• مكافأة الطفل مادياً ومعنوياً في تعزيز عدم قضم الأظافر، فالثواب يفيد أكثر من العقاب.
• التخلّص من هذه العادة تتطلب من الأهل الوقت والمثابرة، لذلك عليهم أن يتذكروا باستمرار مدح سلوك صغيرهم الحسن حتى يختفي هذا السلوك تدريجياً.