يعتبر صلاح البيوت صلاحًا للأمة، وصلاح الأمة هو السبب الأعظم لعزتها وكرامتها، ولا تصلح أمة إلا بصلاح البيوت، ولا تصلح البيوت إلا بصلاح الزوجين واستقامتهما على أمر الله تعالى.
وفي البيت الإسلامي يتخرج رجالات الأمة ونساؤها وعظماؤها، ذلك أن رابطة الزوجية من أعظم الروابط، فمتى سارت هذه الرابطة على أساس من البر والتقوى والمحبة والرحمة عظم شأن الأمة، وهيب جنابها، ومتى أهملت هذه الحقوق تفصمت تلك الرابطة، فشقيت البيوت وحل بالأمة التفكك والدمار، والذي يتأمل في حياة الناس يرى خللاً كبيرًا وتفريطًا كثيرًا في شأن تلك الرابطة ، مما يفقد الحياة الزوجية سعادتها وأنسها والخلل الحاصل من الأزواج في الجانب كبير نذكر بعضًا من هذه الأخطاء راجين أن يكون في ذكرها تنبيه لبعضنا عن تكرار الخطأ في حياته المستقبلية.
أولاً: الشك في الزوجة وسوء الظن بها:
فمن الأزواج من هو ذو طبيعة قلقة، ونفس متوترة، فتراه يغلب جانب الشك، ويجنح كثيرًا إلى سوء الظن، ويفسر الأمور على أسوأ الاحتمالات، فقد يسيء الظن بالزوجة في أمانتها المالية، فربما اتهمها بأنها تسرق من ماله وقد يتمادى سوء الظن ببعضهما إلى عرض زوجته فيتهمها في حشمتها من خلال تصرفات يراها عليها ، وتجد بعض الأزواج يكثر الاتصال بالمنزل كلما خرج منه، وإذا كان الهاتف مشغولاً وقع في الشك والريبة، وبعضهم يخرج من عمله بين الفينة والأخرى، وفي أوقات غير متوقعة ليراقب منزله.
وكل هذا من غير برهان وبينة، وإنما هو تسويل لبعض النفوس الجاهلة، فكم وقع من قتل وطلاق وأذى بسبب سوء ظن لا يثبت له قدم بعد التثبت والتحقيق.
ولا يعني حسن الظن بالزوجة قلة الغيرة، وإلقاء الحبل على الغارب، وإنما المطلوب الاعتدال في الغيرة، فلا يتغافل عما تخشى عواقبه، ولا يبالغ في إساءة الظن، وبالجملة فالتحسس والمبالغة في الغيرة أمر لا يقره دين ولا عقل.
ولهذا عقد الإمام البخاري في صحيحه بابًا قال فيه: لا يطرق أهله ليلاً إذا أطال الغيبة مخافة أن يخونهم أو يلتمس عثراتهم، ثم ساق حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً".
ثانيًا: الاستهانة بالزوجة:
فمن الأزواج من يستهين كثيرًا بزوجته فلا يراها إلا هملاً مضاعًا، فلا يعتد بكلامها ولا يستشيرها في أي شيء من أمره، ولا يأخذ برأيها، وربما احتج على هذه الأفعال بأن القوامة للرجل، وبأن المرأة ناقصة عقل ودين!
ومن صور الاستهانة بالزوجة أن يحقرها أمام أبنائها ويصفها بسوء التدبير، وأن يذم أهلها أمامها، وهذا المسلك خطأ كبير، فالمرأة إنسان مكرّم لها عقل ورأي.
ثالثًا: التخلي عن القوامة:
كما أن هناك من لا يعتد بالمرأة، فيهضم حقها ولا ينظر إليها إلا بازدراء، فهناك من تخلى عن قوامته، وأسلم قيادته لزوجته، فقولها هو القول ورأيها هو الفصل والذي يدفعها لذلك دافع الغرور بالمال أو الجمال أو المستوى التعليمي.
وإذا اجتمع إلى ذلك ضعف الزوج واهتزاز شخصيته، فقد وافق شن طبقة، لذلك تخرج متى شاءت، وتلبس ما شاءت، ولو كان لباس شهرة أو تبرج أو تشبُّه بالكافرات.
وما عجب أن النساء ترجّلت ولكن تأنيث الرجال عجيب
رابعًا: قلة الحرص على تعليم الزوجة أمر دينها:
فهذا من مظاهر التقصير في حق الزوجة، وقد يكون الرجل ذا صلاح وتقى وعلم ودعوة، ومع ذلك لا يحرص على إيصال ذلك الخير لزوجته وأهل بيته، ولذلك من الواجب للزوجة على زوجها أن يعلمها أمور دينها، ويرسخ في قلبها حب الله، وخوفه ورجاءه، ومراقبته، والتوكل عليه.