الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله : ( ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم ( 99 ) )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : ومن الأعراب من يصدق الله ويقر بوحدانيته ، وبالبعث بعد الموت ، والثواب والعقاب ، وينوي بما ينفق من نفقة في جهاد المشركين ، وفي سفره مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( قربات عند الله ) " والقربات " جمع " قربة " وهو ما قربه من رضا الله ومحبته ( وصلوات الرسول ) يعني بذلك : ويبتغي بنفقة ما ينفق مع طلب قربته من الله ، دعاء الرسول واستغفاره له .

وقد دللنا - فيما مضى من كتابنا - على أن من معاني " الصلاة " الدعاء بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

17095 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثنا معاوية عن علي [ ص: 433 ] عن ابن عباس قوله ( وصلوات الرسول ) يعني : استغفار النبي - عليه الصلاة والسلام - .

17096 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : ( ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ) قال : دعاء الرسول : قال : هذه ثنية الله من الأعراب .

17097 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد قوله : ( ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ) قال : هم بنو مقرن ، من مزينة ، وهم الذين قال الله فيهم : ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ) [ سورة التوبة : 92 ] . قال : هم بنو مقرن ، من مزينة . قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج قوله : ( الأعراب أشد كفرا ونفاقا ) ثم استثنى فقال : ( ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ) الآية .

17098 - حدثنا أحمد قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا جعفر عن البختري بن المختار العبدي قال : سمعت عبد الرحمن بن معقل قال : كنا عشرة ولد مقرن ، فنزلت فينا : ( ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ) إلى آخر الآية . [ ص: 434 ] قال أبو جعفر : قال الله : ( ألا إنها قربة لهم ) يقول - تعالى ذكره - : ألا إن صلوات الرسول قربة لهم من الله .

وقد يحتمل أن يكون معناه : ألا إن نفقته التي ينفقها كذلك قربة لهم عند الله ( سيدخلهم الله في رحمته ) يقول : سيدخلهم الله فيمن رحمه فأدخله برحمته الجنة ( إن الله غفور ) لما اجترموا ( رحيم ) بهم مع توبتهم وإصلاحهم أن يعذبهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية