أبو الفرج الحنبلي
الإمام القدوة ، شيخ الإسلام أبو الفرج عبد الواحد بن محمد بن [ ص: 52 ] علي بن أحمد الأنصاري ، الشيرازي الأصل ، الحراني المولد ، الدمشقي المقر ، الفقيه الحنبلي الواعظ ، وكان يعرف في العراق بالمقدسي ، من كبار أئمة الإسلام .
سمع من : أبي الحسن بن السمسار ، وشيخ الإسلام ، أبي عثمان الصابوني وعبد الرزاق بن الفضل الكلاعي ، وطائفة بدمشق بعد الثلاثين . وأربعمائة .
وارتحل إلى بغداد ، فلازم القاضي أبا يعلى بن الفراء ، وتفقه به ، ودرس ووعظ ، وبث مذهب أحمد بأعمال بيت المقدس ، وصنف التصانيف .
قال أبو الحسين بن الفراء في " طبقات الحنابلة " صحب والدي من سنة نيف وأربعين وأربعمائة ، وتردد إليه سنين عديدة ، ونسخ واستنسخ مصنفاته ، وسافر إلى الرحبة والشام ، وحصل له الأتباع والغلمان .
قال : وكانت له كرامات ظاهرة ، ووقعات مع الأشاعرة ، وظهر عليهم بالحجة في مجلس السلاطين بالشام .
[ ص: 53 ] قال : ويقال : إنه اجتمع بالخضر عليه السلام مرتين وكان يتكلم في عدة أوقات على الخواطر ، كما كان يتكلم ببغداد أبو الحسن بن القزويني الزاهد ، وكان الملك تتش يعظمه ؛ لأنه تم له مكاشفة معه .
إلى أن قال : وكان ناصرا لاعتقادنا ، متجردا في نشره ، وله تصانيف في الفقه والوعظ والأصول .
قلت : توفي في ذي الحجة سنة ست وثمانين وأربعمائة ودفن بمقبرة باب الصغير ، وقبره مشهور يزار ، ويدعى عنده . وهو والد الإمام الرئيس شرف الإسلام عبد الوهاب بن أبي الفرج الحنبلي الدمشقي ، واقف المدرسة الحنبلية التي وراء جامع دمشق بحذاء الرواحية وكان صدرا معظما يرسل عن صاحب دمشق إلى الخلافة ، وتوفي سنة نيف وأربعين وخمسمائة .
وشرف الإسلام هذا هو جد الإمام المفتي شيخ الحنابلة .