فصل
- ومنها : أن [ ص: 349 ] الذي دخل فيه فهو على بال منه في الحفظ له ، والمحافظة عليه ، والنصيحة فيه ، لأن غيره ليس إليه ، ولو كان قصده المسبب من السبب ، لكان مظنة لأخذ السبب على غير أصالته ، وعلى غير قصد التعبد فيه ، فربما أدى إلى الإخلال به ، وهو لا يشعر ، وربما شعر به ، ولم يفكر فيما عليه فيه ، ومن هنا تنجر مفاسد كثيرة ، وهو أصل الغش في الأعمال العادية نعم والعبادية ، بل هو أصل في الخصال المهلكة . تارك النظر في المسبب بناء على أن أمره لله ، إنما همه السبب
أما في العاديات فظاهر ; فإنه لا يغش إلا استعجالا للربح الذي يأمله في تجارته أو للنفاق الذي ينتظره في صناعته أو ما أشبه ذلك .
وأما في العبادات ; فإن من شأن من أحبه الله تعالى أن يوضع له القبول في الأرض ، بعد ما يحبه أهل السماء ، فالتقرب بالنوافل سبب للمحبة من الله تعالى ، ثم من الملائكة ، ثم يوضع القبول في الأرض ، فربما التفت العابد لهذا المسبب بالسبب الذي هو النوافل ، ثم يستعجل ، ويداخله طلب ما ليس له فيظهر ذلك السبب ، وهو الرياء ، وهكذا في سائر المهلكات ، وكفى بذلك فسادا .