[ ص: 478 ] لنا وجوه :
الأول : إجماع علماء الأمة من الصحابة وغيرهم على التمسك بعمومات الكتاب والسنة وكلام العرب ما لم يوجد دليل مخصص . وكانوا يطلبون دليل الخصوص ، لا العموم ، وهم أهل اللغة .
الثاني : أن ; فيمتنع عادة إخلال الواضع الحكيم بها مع ذلك . صيغ العموم تعم حاجة كل لغة إليها
الثالث : أن من قال : اقطع السارق ، واجلد الزاني ، واقتل المشركين ، وارحم الناس ، والحيوان ، وعبيدي أحرار ، وما لي صدقة ، ومن جاءك فأكرمه ، وأي رجل لقيت فأعطه درهما ، وأين وأيان ومتى وجدت زيدا فاقتله ، وكل أو جميع من دعاك فأجبه ، ولا رجل في الدار ، يفهم العموم من ذلك كله في عرف أهل اللسان .
الواقفية ما زاد على أقل الجمع يحتمل إرادته وعدمها ; فلا يثبت بالشك ، ولأن الدليل على وضع هذه الصيغ للعموم ليس عقليا ، إذ لا أثر للعقل في اللغات ، ولا نقليا ، إذ تواتره مفقود ، وآحاده لا يفيد العلم ، ولأن العرب استعملتها في الخصوص والعموم ; فأفاد الاشتراك ، وإلا كان جعلها موضوعة لأحدهما تحكما .
وأجيب : بأن دعوى الشك وعدم الدليل مع ما ذكرناه من الإجماع لا يسمع ، واستعمالهم لها في الخصوص مجاز بقرائن .
الآخر : اللام تستعمل للاستغراق ، ولبعض الجنس ، وللمعهود فبم تختص بالعموم .
قلنا : بالقرينة ، إذ وجود المعهود قرينة تصرفها إليه ، وإلا فإلى الجنس . ثم هي تستغرق المعهود إذا صرفت إليه . فكذا الجنس إذا صرفت إليه ، [ ص: 479 ] وحينئذ استعمالها في بعض الجنس مجاز كاستعمالها في بعض المعهود مجاز لقرينة ، وجواب الآخر حصل بما سبق .
الآخر : يحسن ما عندي رجل بل رجلان ، بخلاف : ما عندي من رجل .
قلنا : النفي إذا وقع على النكرة ، اقتضى نفي ماهيتها وهي لا تنتفي إلا بانتفاء جميع أفرادها ، وهذا قاطع ; فوجب تأويل ما ذكرت على أن قوله : بل رجلان قرينة أنه لم يرد نفي الماهية ، بل إثبات ما أثبت منها .