[ ص: 374 ] الثالثة : لا يقتضي التكرار عند الأكثرين ، منهم الأمر المطلق أبو الخطاب خلافا للقاضي ، وبعض الشافعية ، وحكي عن أبي حنيفة : إن تكرر لفظ الأمر نحو : صل غدا ، صل غدا اقتضاه تحصيلا لفائدة الأمر الثاني ، وإلا فلا .
وقيل : إن اقتضى التكرار كالمعلق على العلة ، وهذا القول ليس من المسألة ، إذ هي مفروضة في الأمر المطلق ، والمقترن بالشرط ليس مطلقا ، وما ذكره أبو حنيفة يقتضي التأكيد لغة ، لا التكرار . علق الأمر على شرط ،
لنا : لا دلالة لصيغة الأمر إلا على مجرد إدخال ماهية الفعل في الوجود ، لا على كمية الفعل ، ولأنه لو قال : صل مرة ، أو مرارا ، لم يكن الأول نقضا ، ولا الثاني تكرارا .
قالوا : النهي يقتضي تكرار الترك ، والأمر يقتضيه ; فيقتضي تكرار الفعل ، ولأن الأمر بالشيء نهي عن ضده ; فيقتضي تكرار ترك الضد .
وأجيب عن الأول : بأن الأمر يقتضي فعل الماهية ، وهو حاصل بفعل فرد من أفرادها في زمن ما ، والنهي يقتضي تركها ، ولا يحصل إلا بترك جميع أفرادها في كل زمن ; فافترقا .
وعن الثاني : بمنع أن الأمر بالشيء نهي عن ضده ، وإن سلم فلا يلزم من ترك الضد المنهي عنه فعل الضد المأمور به ، لجواز أن يكون للمنهي عنه أضداد فيتلبس بغير المأمور به منها ; وهذا على القول بأن الأمر بالشيء نهي عن جميع أضداده لا يتمشى .