[ ص: 146 ] الرابعة : لا تقبل ، في أحد القولين ، وهو قول رواية مجهول العدالة وتقبل في الآخر ، وهو قول الشافعي ، أبي حنيفة .
وحرف المسألة : أن شرط القبول : العلم بالعدالة ؛ فلا تقبل للجهل بها .
أو : عدم العلم بالفسق ؛ فتقبل لعدمه ها هنا . وهذا أشبه بظاهر الآية .
احتج الأول : بأن مستند قبول خبر العدل : الإجماع ، ولا إجماع هنا . وليس في معنى العدل ليلحق به . وبأن الفسق مانع ، كالصبا ، والكفر ؛ فالشك فيه كالشك فيهما . وبالقياس على شهادته في العقوبات ، وبأن شك المقلد في بلوغ المفتي درجة الاجتهاد أو عدالته مانع من تقليده . وهذا مثله وأولى ، لإثبات شرع عام بقوله .
احتج الثاني : بقبول النبي صلى الله عليه وسلم ، شهادة الأعرابي برؤية الهلال ، والصحابة ، ولم يعرفوا منهم سوى الإسلام . وبأنه لو أسلم ثم روى أو شهد قبل ، ولا مستند إلا الإسلام ، وتراخي الزمن بعده لا يصلح مستندا للرد ، وإلا فبعيد ، إذ لا يظهر للإسلام أثر . وبقبول قوله في طهارة الماء ، ونجاسته ، وملكه لهذه الجارية ، وخلوها عن زوج ؛ فيحل شراؤها ووطؤها ، وبأنه متطهر ؛ فيصح الائتمام به . رواية الأعراب والنساء
وأجيب : بأن العلم بعدالة العربي غير ممتنع بوحي ، أو تزكية خبير به . والصحابة إنما قبلوا خبر من علموا عدالته ، وحيث جهلت ردوها ، ثم الصحابة عدول بالنص ؛ فلا وجه للبحث عنهم . وقبول قول من أسلم ، ثم روى ، ممنوع ، لجواز استصحابه حال الكذب ، وتأثير الإسلام يظهر في أحكام كثيرة ، وإن سلمناه ؛ فالفرق أنه عند الدخول في الإسلام يعظمه ويهابه ؛ فيصدق غالبا وظاهرا ، بخلاف من طال زمنه فيه ، وطمع في جنته . وقبول قوله في ملك الأمة وخلوها رخصة ، حتى مع العلم بفسقه ، لمسيس الحاجة إلى المعاملات ، وفي الباقي ممنوع ، وإن سلم ؛ فأحكام جزئية ، ليست إثبات شرع عام .