[ ص: 532 ]
وأنكر قوم المجاز مطلقا ، والحق ثبوته في المفرد ، كالأسد في الشجاع ، وفي المركب ، نحو : أشابني الزمان ، وأخرجت الأرض أثقالها ، وأحياني اكتحالي بطلعتك ، على الأظهر فيه .
أَشَابَ الصَّغِيرَ وَأَفْنَى الْكَبِيرَ كَرُّ الْغَدَاةِ وَمَرُّ الْعَشِيِّ
وَإِلَى هَذَا أَشَرْتُ بِقَوْلِي : " نَحْوَ أَشَابَنِي الزَّمَانُ " وَكَقَوْلِ هَذَا الشَّاعِرِ بِعَيْنِهِ :تَمُوتُ مَعَ الْمَرْءِ حَاجَاتُهُ وَتَبْقَى لَهُ حَاجَةُ مَا بَقِيَ
تَمُوتُ مَعَ الْمَرْءِ حَاجَاتُهُ
فَلَفْظُ الْمَوْتِ وَالْحَاجَةِ حَقِيقَةٌ فِي مَدْلُولِهَا ، وَإِنَّمَا الْمَجَازُ فِي إِسْنَادِ الْمَوْتِ إِلَى الْحَاجَةِ ، وَإِنَّمَا وُضِعَ الْمَوْتُ لِيُسْنَدَ إِلَى الْأَجْسَامِ الْحَيَّةِ .أشاب الصغير وأفنى الكبير كر الغداة ومر العشي
وإلى هذا أشرت بقولي : " نحو أشابني الزمان " وكقول هذا الشاعر بعينه :تموت مع المرء حاجاته وتبقى له حاجة ما بقي
تموت مع المرء حاجاته
فلفظ الموت والحاجة حقيقة في مدلولها ، وإنما المجاز في إسناد الموت إلى الحاجة ، وإنما وضع الموت ليسند إلى الأجسام الحية .