الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
النافي : ماهية الصلاة مركبة من الحركات والسكنات المنهي عنها ، والمركب من المنهي عنه منهي عنه ، فهذه الصلاة منهي عنها ، والمنهي عنه لا يكون طاعة ، ولا مأمورا به ، وإلا اجتمع النقيضان .
قوله : " النافي " أي : احتج النافي لصحة الصلاة أن قال : " ماهية الصلاة " أي حقيقتها " مركبة من الحركات والسكنات المنهي عنها ، والمركب من المنهي عنه ، منهي عنه ، فهذه الصلاة منهي عنها " . أما أن الصلاة مركبة من الحركات والسكنات فلأن الصلاة مركبة من أفعالها الواجبة والمسنونة فيها ، وتلك الأفعال إما حركة كالهوي إلى الركوع والسجود ، وإما سكون كالقيام والطمأنينة في الركوع والسجود .
وأما أن تلك الحركات والسكنات منهي عنها ، فلوقوعها في ملك الغير وشغل حيزه بغير إذنه .
وأما أن المركب من المنهي عنه منهي عنه ، فلأن المركب لا يزيد على البسائط التي هي مادته إلا بالهيئة الاجتماعية وهي لا تؤثر في قلب حقيقة البسائط ، وبسائط هذه الصلاة منهي عنها ، وهي الحركات والسكنات المنهي عنها ، وما لا يزيد على المنهي عنه ، منهي عنه ، فثبت أن هذه الصلاة منهي عنها .
" والمنهي عنه لا يكون طاعة ولا مأمورا به وإلا اجتمع النقيضان " لأن المأمور به نقيض المنهي عنه ، والطاعة تستدعي تعلق الطلب بها وتوجهه إليها ، فلو كانت [ ص: 366 ] منهيا عنها ، لاجتمع النقيضان أيضا ، وهذه هي الحجة التي اضطرت أبا بكر مع الإجماع الذي ألزمه ما حكي عنه .