وهذا الكتاب ينقسم أولا إلى جملتين :
[ ص: 334 ] الجملة الأولى : في معرفة ضروب الأيمان وأحكامها .
والجملة الثانية : في معرفة الأشياء الرافعة للأيمان اللازمة وأحكامها .
الجملة الأولى
[ في معرفة ضروب الأيمان وأحكامها ]
وهذه الجملة فيها ثلاثة فصول :
الفصل الأول : في معرفة الأيمان المباحة وتمييزها من غير المباحة .
الثاني : في معرفة الأيمان اللغوية والمنعقدة .
الثالث : في معرفة الأيمان التي ترفعها الكفارة والتي لا ترفعها .
الفصل الأول في معرفة الأيمان المباحة وتمييزها من غيرها .
- واتفق الجمهور على أن الأشياء منها ما يجوز في الشرع أن يقسم به ، ومنها ما لا يجوز أن يقسم به . واختلفوا أي الأشياء التي هي بهذه الصفة ، فقال قوم : إن الحلف المباح في الشرع هو ، وأن الحلف بالله عاص . وقال قوم : بل يجوز الحلف بكل معظم بالشرع . الحالف بغير الله
والذين قالوا إن الأيمان المباحة هي الأيمان بالله اتفقوا على إباحة الأيمان التي بأسمائه ، واختلفوا في الأيمان التي بصفاته وأفعاله .
وسبب اختلافهم في الحلف بغير الله من الأشياء المعظمة بالشرع : معارضة ظاهر الكتاب في ذلك للأثر ، وذلك أن الله قد أقسم في الكتاب بأشياء كثيرة مثل قوله : ( والسماء والطارق ) ، وقوله : ( والنجم إذا هوى ) إلى غير ذلك من الأقسام الواردة في القرآن .
وثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : " . " إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت
فمن جمع بين الأثر والكتاب بأن قال : إن الأشياء الواردة في الكتاب المقسوم بها فيها محذوف - وهو الله تبارك وتعالى - ، وأن التقدير : ورب النجم ، ورب السماء قال : الأيمان المباحة هي الحلف بالله فقط .
ومن جمع بينهما بأن المقصود بالحديث إنما هو : أن لا يعظم من لم يعظم الشرع بدليل قوله فيه : " وأن هذا من باب الخاص أريد به العام ، أجاز الحلف بكل معظم في الشرع . " إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم
فإذا سبب اختلافهم هو : اختلافهم في بناء الآي والحديث .
وأما من منع الحلف بصفات الله وأفعاله فضعيف .
وسبب اختلافهم هو : هل يقتصر بالحديث على ما جاء من تعليق الحكم فيه بالاسم فقط ; أو يعدى إلى الصفات والأفعال ، لكن تعليق الحكم في الحديث بالاسم فقط جمود كثير ، وهو أشبه بمذهب أهل الظاهر [ ص: 335 ] وإن كان مرويا في المذهب ، حكاه اللخمي عن . وشذت فرقة فمنعت اليمين بالله عز وجل ، والحديث نص في مخالفة هذا المذهب . محمد بن المواز