الجملة الثانية
[ في أحكام أموال المحاربين إذا تملكها المسلمون ]
والقول المحيط بأصول هذه الجملة ينحصر أيضا في سبعة فصول :
الأول : في حكم الخمس .
الثاني : في حكم الأربعة الأخماس .
الثالث : في حكم الأنفال .
الرابع : في حكم ما وجد من أموال المسلمين عند الكفار .
الخامس : في حكم الأرضين .
[ ص: 320 ] السادس : في حكم الفيء .
السابع : في أحكام الجزية والمال الذي يؤخذ منهم على طريق الصلح .
الفصل الأول
في
واتفق المسلمون على أن الغنيمة التي تؤخذ قسرا من أيدي الروم ما عدا الأرضين أن خمسها للإمام ، وأربعة أخماسها للذين غنموها لقوله - تعالى - : ( حكم خمس الغنيمة واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ) الآية .
واختلفوا في الخمس على أربعة مذاهب مشهورة :
أحدها : أن الخمس يقسم على خمسة أقسام على نص الآية ، وبه قال . الشافعي
والقول الثاني : أنه يقسم على أربعة أخماس ، وأن قوله - تعالى - : ( فأن لله خمسه ) هو افتتاح كلام وليس هو قسما خامسا .
والقول الثالث : أنه يقسم اليوم ثلاثة أقسام ، وأن سهم النبي وذي القربى سقطا بموت النبي - صلى الله عليه وسلم - .
والقول الرابع : أن الخمس بمنزلة الفيء يعطى منه الغني والفقير ، وهو قول مالك وعامة الفقهاء .
والذين قالوا يقسم أربعة أخماس أو خمسة اختلفوا فيما يفعل بسهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسهم القرابة بعد موته : فقال قوم : يرد على سائر الأصناف الذين لهم الخمس . وقال قوم : بل يرد على باقي الجيش . وقال قوم : بل سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للإمام ، وسهم ذوي القربى لقرابة الإمام . وقال قوم : بل يجعلان في السلاح والعدة .
واختلفوا في القرابة من هم ؟ فقال قوم : بنو هاشم فقط ، وقال قوم : بنو عبد المطلب وبنو هاشم .
وسبب اختلافهم في هل الخمس يقصر على الأصناف المذكورين أم يعدى لغيرهم هو : هل ذكر تلك الأصناف في الآية المقصود منها تعيين الخمس لهم ، أم قصد التنبيه بهم على غيرهم فيكون ذلك من باب الخاص أريد به العام ؟ فمن رأى أنه من باب الخاص أريد به الخاص قال : لا يتعدى بالخمس تلك الأصناف المنصوص عليها ، وهو الذي عليه الجمهور . ومن رأى أنه من باب الخاص أريد به العام قال : يجوز للإمام أن يصرفها فيما يراه صلاحا للمسلمين .
واحتج من رأى أن سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - للإمام بعده بما روي عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : " " . إذا أطعم الله نبيا طعمة فهو للخليفة بعده
وأما من صرفه على الأصناف الباقين أو على الغانمين فتشبيها بالصنف المحبس عليهم .
وأما من قال : القرابة هم بنو هاشم وبنو عبد المطلب فإنه احتج بحديث قال : " جبير بن مطعم لبني هاشم وبني المطلب من الخمس " قال : " قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم ذوي القربى بنو هاشم وبنو المطلب صنف واحد " . وإنما
ومن قال بنو هاشم صنف فلأنهم الذين لا يحل لهم الصدقة .
واختلف العلماء في سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الخمس; فقال قوم : الخمس فقط ، ولا خلاف عندهم في [ ص: 321 ] وجوب الخمس له غاب عن القسمة أو حضرها . وقال قوم : بل الخمس ( وهو سهم مشهور له صلى الله عليه وسلم ، وهو شيء كان يصطفيه من رأس الغنيمة فرس أو أمة أو عبد ) . وروي أن والصفي صفية كانت من الصفي . وأجمعوا على أن الصفي ليس لأحد من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فإنه قال : يجري مجرى سهم النبي صلى الله عليه وسلم . أبا ثور