الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
والصلوات المفروضة : الظهر ، وهي الأولى ، ووقتها من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله بعد الذي زالت عليه الشمس ، إلى أن يصير ظل كل شيء مثله بعد الذي زالت عليه الشمس ، والأفضل تعجيلها ، إلا في شدة الحر والغيم لمن يصلي جماعة .
( والصلوات المفروضات خمس ) في اليوم والليلة ، وأجمع المسلمون على ذلك ، وأن غيرها لا يجب إلا لعارض كالنذر ، وأما الوتر فسيأتي ، والأصل فيه أحاديث منها ما في الصحيحين عن أبي ذر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338553فرض الله على أمتي ليلة الإسراء خمسين صلاة ، فلم أزل أراجعه ، وأسأله التخفيف حتى جعلها خمسا في كل يوم وليلة ، وقال : هي خمس ، وهي خمسون في أم الكتاب وكان قيام الليل واجبا ، فنسخ في حق الأمة ، وكذا في حقه عليه السلام على الأصح ، قال القفال في " محاسن الشريعة " في الأربع لطيفة حسن معها عدم الزيادة في الفرض عليها ، وهي أنك إذا ذكرت آحادها فقلت واحد ، واثنان ، وثلاثة ، وأربعة جمعت كل الأعداد ، وجدتها عشرة ، ولا شيء من الأعداد يخرج أصله عن عشرة ، وأراد بالمفروضات العينية ، ولهذا لم يذكر nindex.php?page=treesubj&link=2150صلاة الجنازة ، لكونها فرضا على الكفاية ، نعم ترد عليه الجمعة ، فإنها من المفروضات العينية ، ولم يدخل في كلامه .
( الظهر ) واشتقاقها من الظهور ، إذ هي ظاهرة في وسط النهار ، والظهر لغة : الوقت بعد الزوال ، وشرعا اسم للصلاة من باب تسمية الشيء باسم وقته .
[ ص: 336 ] فقولنا : صلاة الظهر أي : صلاة هذا الوقت ، وبدأ بها المؤلف تبعا للخرقي ومعظم الأصحاب ، لبداءة جبريل بها لما صلى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبدأ ابن أبي موسى ، والشيرازي ، وأبو الخطاب بالفجر لبداءته عليه السلام بها السائل ، ولأنها أول اليوم ، ويعضده أن إيجابها كان ليلا ، وأول صلاة تحضر بعد ذلك هي الفجر ، فلم لا بدأ بها جبريل .
وجوابه : أنه يحتمل أنه وجد تصريح بأن أول وجوب الخمس من الظهر ، ويحتمل أن الإتيان بها متوقف على بيانها ، لأن الصلوات مجملة ، ولم تبين إلا عند الظهر ، والحكمة أنه بدأ بها إشارة منه إلى أن هذا الدين ظهر أمره ، وسطع نوره من غير خفاء ، ولأنه لو بدأ بالفجر لختم بالعشاء في ثلث الليل ، وهو وقت خفاء فلذلك ختم بالفجر ، لأنه وقت ظهور ، لكن فيه ضعف ، إشارة إلى أن هذا الدين في آخر الأمر يضعف ( وهي الأولى ) قال عياض : هو اسمها المعروف ، لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي عليهما السلام معلما له في اليومين ، وتسمى أيضا الهجير لفعلها في وقت الهاجرة .
( ووقتها من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله بعد الذي زالت عليه الشمس ) أجمع العلماء على أن nindex.php?page=treesubj&link=32772أول وقت الظهر إذا زالت الشمس لحديث جابر : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338554أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه جبريل فقال : قم فصله فصلى الظهر حين زالت الشمس ، ثم جاءه من الغد للظهر ، فقال : قم فصله ، فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله ، ثم قال : ما بين هذين وقت إسناده ثقات ، رواه أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، [ ص: 337 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : هو أصح شيء في المواقيت ، وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وحسنه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس نحوه ، وفيه : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338555فصلى الظهر حين زالت الشمس ، وكانت قدر الشراك وهو بشين معجمة مكسورة ، وراء مهملة ، وبالكاف ، وهو أحد سيور النعل ، ثم اعلم أن الشمس إذا طلعت ، رفع لكل شاخص ظل طويل في جانب المغرب ، ثم ما دامت الشمس ترتفع ، فالظل ينقص ، فإذا انتهت الشمس إلى وسط السماء ، وهي حالة الاستواء انتهى نقصانه ، فإذا زاد الظل أدنى زيادة فهو الزوال ، فهو إذا ميلها عن وسط السماء ، ويختلف فيء الزوال فيطول في الشتاء ، ويقصر في الصيف ، لكن لا يقصر ظله وقت الزوال في بعض بلاد خراسان لمسير الشمس ناحية عنها ، ذكره ابن حمدان ، وذكر السامري ، وغيره : أن ما كان من البلاد تحت وسط الفلك مثل مكة وصنعاء في يوم واحد ، وهو أطول أيام السنة لا ظل ، ولا فيء ، كوقت الزوال ، بل يعرف الزوال هناك بأن يظهر للشخص فيء من نحو المشرق ، للعلم بكونها قد أخذت مغربة ، ويختلف باختلاف الشهر ، والبلد ، فأقل ما تزول في إقليم الشام والعراق على ما نقله أبو العباس الشيحي على قدم وثلث في نصف حزيران ، ويتزايد إلى أن يبلغ عشرة أقدام وسدس في نصف كانون الأول ، وهو أكثر ما تزول عليه الشمس ، فإذا أردت معرفة ذلك ، فقف على مستو من الأرض ، وعلم الموضع الذي انتهى إليه ظلك ، ثم ضع قدمك اليمنى بين يدي قدمك اليسرى ، وألصق عقبك بإبهامك ، فإذا بلغت مساحة هذا القدر بعد انتهاء النقص فهو وقت زوال الشمس ، وتجب به الظهر ، وعلم منه أن الصلاة تجب بأول الوقت وجوبا موسعا ، نص عليه في رواية أبي طالب ، [ ص: 338 ] وشرط nindex.php?page=showalam&ids=12998ابن بطة ، وابن أبي موسى مضي زمن يتسع لأدائها حذارا من تكليف ما لا يطاق ، وجوابه أنه لا يكلف بالفعل قبل الإمكان حتى يلزم تكليف ما لا يطاق ، وإنما يثبت في ذمته بفعله إذا قدر ، كالمغمى عليه ، وأما nindex.php?page=treesubj&link=32773آخره فقال : ( إلى أن يصير ظل كل شيء مثله بعد الذي زالت عليه الشمس ) وهو المراد بقولهم سوى الزوال ، نص عليه لما سبق ، وصلاها عليه السلام في حديث أبي موسى حين سأله السائل حين زالت الشمس ، ثم أخرها في اليوم الثاني : حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس ، وقال :nindex.php?page=hadith&LINKID=10338556الوقت فيما بين هذين رواه مسلم ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338557وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس ، وكان ظل الرجل كطوله ، ما لم تحضر العصر رواه مسلم ، قال الأثرم : قيل لأبي عبد الله : متى يكون الظل مثله ؛ قال : إذا زالت الشمس فكان الظل بعد الزوال مثله ، ومعرفة ذلك أن يضبط ما زالت عليه الشمس ، ثم ينظر الزيادة عليه ، فإن بلغت قدر الشخص فقد انتهى وقت الظهر ، وطول الإنسان ستة أقدام وثلثان بقدمه تقريبا ، وعنه : آخره أول وقت العصر فبينهما وقت مشترك قدر أربع ركعات ، قال أحمد : الزوال في الدنيا واحد ، وأنكر على المنجمين أنه يتغير في البلدان ، ومثله لا يقول ذلك إلا عن توقيف .
( nindex.php?page=treesubj&link=866والأفضل تعجيلها ) لما روى أبو برزة قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338558كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس وقال جابر : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338559كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر بالهاجرة متفق عليهما ، وقالت عائشة : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338560nindex.php?page=treesubj&link=866ما رأيت أحدا أشد تعجيلا للظهر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا من أبي بكر ، ولا من عمر حديث حسن . قال في [ ص: 339 ] " التلخيص " : ويحصل بأن يشتغل بأسباب الصلاة من حين دخول الوقت ، وهو ظاهر " الفروع " فإنه لا يعد حينئذ متوانيا ، ولا مقصرا ، وذكر الأزجي قولا : يتطهر قبله ( إلا في شدة الحر والغيم لمن يصلي جماعة ) كذا في " المحرر " و " الوجيز " أما في الحر فيستحب تأخيرها مطلقا إلى أن ينكسر ، وحكاه الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، وأحمد ، وإسحاق ، وقال : هو أشبه بالاتباع ، وصححه في " الشرح " واقتصر عليه في " الكافي " وقاله القاضي في " الجامع " ، والخرقي ، وابن أبي موسى ، وغيرهم لما روى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338561nindex.php?page=treesubj&link=1385إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ، فإن شدة الحر من فيح جهنم متفق عليه ، وفي لفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338562أبردوا بالظهر وفيح جهنم هو غليانها ، وانتشار لهيبها ، ووهجها ، وصريحه أنه مختص بمن يصلي في جماعة ، وهو قول أبي الخطاب ، وطائفة تعليلا بالمشقة ، واعتبر القاضي في " المجرد " مع الخروج إلى الجماعة كونه في البلاد الحارة ، ومساجد الجماعات ، فأما تأخير ما في الغيم ، فيستحب لكل من يصلي جماعة كما ذكره القاضي ، والسامري ، ونص عليه في رواية المروذي ، لما روى ابن منصور عن إبراهيم قال : كانوا يؤخرون الظهر ، ويعجلون العصر في اليوم المتغيم ، ولأنه وقت يخاف منه العوارض من المطر ، ونحوه ، فيشق الخروج لكل صلاة منهما ، فاستحب تأخير الأولى من المجموعتين ، ليقرب من الثانية ، لكي يخرج لهما خروجا واحدا طلبا للأسهل المطلوب شرعا ، وعنه : لا تؤخر ، بل تعجل مع الغيم ، وهو ظاهر الخرقي ، و " الكافي " و " التلخيص " إذ مطلوبية التأخير في عامة الأحاديث إنما وردت في الحر ، وفيه وجه : يستحب التأخير لكل مصل ، وظاهر كلام [ ص: 340 ] أبي الخطاب ، ويؤخر الظهر لا المغرب ، وأما الجمعة فيسن تقديمها مطلقا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد : ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338563كنا نجمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم نرجع فنتتبع الفيء متفق عليهما ، nindex.php?page=treesubj&link=867وتأخيرها لمن لم تجب عليه الجمعة إلى بعد صلاتها ولمن يرمي الجمرات حتى يرميها أفضل .