الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          إذا قال : أنت طالق نصف طلقة ، أو نصفي طلقة ، أو نصف طلقتين ، طلقت طلقة ، وإن قال : نصفي طلقتين ، أو ثلاثة أنصاف طلقة ، طلقت طلقتين ، وإن قال : ثلاثة أنصاف طلقتين ، طلقت ثلاثا ، ويحتمل أن تطلق طلقتين ، وإن قال : نصف طلقة ، ثلث طلقة ، سدس طلقة ، أو نصف ، وثلث ، وسدس طلقة ، طلقت طلقة ، وإن قال : نصف طلقة ، وثلث طلقة ، وسدس طلقة ، طلقت ثلاثا ، وإن قال لأربع : أوقعت بينكن طلقة أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا ، وقع بكل واحدة طلقة . وعنه : إذا قال : أوقعت بينكن ثلاثا ، ما أرى إلا قد بن منه ، واختاره القاضي ، وإن قال : أوقعت بينكن خمسا ، فعلى الأولى يقع بكل واحدة طلقتان .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          جزء : طلقة كهي ( إذا قال : أنت طالق نصف طلقة ، أو نصفي طلقة ) فتقع واحدة ؛ لأن الطلاق لا يتبعض في قول عامتهم ، وحكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه ( أو نصف طلقتين ، طلقت طلقة ) ؛ لأن نصف الطلقتين طلقة ، وذكر بعض العلماء أنها تطلق طلقتين ؛ لأن اللفظ يقتضي النصف من كل واحدة منهما ، ثم تكمل ، وما ذكرناه أولى ؛ لأن التنصيف يتحقق به ، وفيه عمل باليقين وإلغاء الشك ، وإيقاع ما أوقعه من غير زيادة ( وإن قال : نصفي طلقتين ) وقع طلقتان ؛ لأن نصفي الشيء جميعه ، أشبه ما لو قال : أنت طالق طلقتين ( أو ثلاثة أنصاف طلقة ، طلقت طلقتين ) ؛ لأن ثلاثة أنصاف طلقة ونصف ، فيكمل النصف ، فصار ذلك طلقتين ، وقيل : واحدة ؛ لأن الأجزاء من طلقة ، فالزائد عليها يكون لغوا ؛ لأنه ليس منها ، وكذا الخلاف في خمسة أرباع طلقة ، أو أربعة أثلاث ( وإن قال : ثلاثة أنصاف طلقتين ، طلقت ثلاثا ) نص عليه في رواية مهنا ، ونصره جمع ؛ لأن نصف الطلقتين طلقة ، وقد كرر ثلاثا [ ص: 298 ] ( ويحتمل أن تطلق طلقتين ) هذا قول ابن حامد ؛ لأن معناه : ثلاث أنصاف من طلقتين ، وذلك طلقة ونصف ، ثم تكمل فتصير طلقتين ، وجوابه بأنه تأويل يخالف ظاهر اللفظ ، قال في " الفروع " : ويتوجه مثلها ثلاثة أرباع ثنتين ، وفي " الروضة " : تقع ثنتان ( وإن قال : نصف طلقة ، ثلث طلقة سدس طلقة ) أي : يقع واحدة ؛ لأن ذلك أجزاء طلقة واحدة ، وليس في اللفظ ما يقتضي التغاير ؛ لأنه غير معطوف ( أو نصف ، وثلث ، وسدس طلقة ، طلقت طلقة ) ؛ لأن الإضافة إلى الطلقة ، فيجب أن تطلق واحدة ( وإن قال : نصف طلقة ، وثلث طلقة ، وسدس طلقة ، طلقت ) سواء كانت مدخولا بها أو لا ( ثلاثا ) ؛ لأنه علق أجزاء الطلقة على : جزء آخر ، وهو يدل على المغايرة ، فيقع جزءا ، ثم يكمل بالسراية ؛ لأنه لو كانت الثانية هي الأولى لجاء بها بلام التعريف ، فقال : ثلث الطلقة سدس الطلقة ؛ لأن أهل العربية قالوا : إذا ذكر لفظ ثم أعيد منكرا ، فالثاني غير الأول ، وإن أعيد معرفا بها ، فالثاني هو الأول ؛ لقوله تعالى : فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا فالعسر الثاني هو الأول ، بخلاف اليسر ؛ ولهذا قيل : لن يغلب عسر يسرين ، وقيل : لو أراد بالثانية الأولى لذكرها بالضمير ؛ لأنه هو الأولى .

                                                                                                                          ( وإن قال لأربع : أوقعت بينكن ) أو عليكن ، نص عليه ( طلقة أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا ، وقع بكل واحدة طلقة ) ؛ لأن اللفظ اقتضى قسم الطلقة بينهن أو عليهن لكل واحدة ربعها ، ثم تكمل ، وكذا إن قال : أوقعت بينكن طلقتين ، ذكره أبو الخطاب ؛ لأنه إذا قسم لم يزد واحدة على طلقة ، وعنه : يقع [ ص: 299 ] بكل واحدة طلقتان ، وقال أبو بكر والقاضي : لأنه إذا قسمت اثنتان بينهن كان لكل واحدة جزآن من طلقتين ، ثم يكمل كل جزء ، قال في " المغني " : والأول أولى ؛ لأنه إنما يقسم بالأجزاء مع الاختلاف كالدور ونحوها من المختلفات ، فأما الجمل المتساوية من جنس كالنقود فإنما يقسم برءوسها ، ويكمل نصيب كل واحدة من واحد كأربعة لهم درهمان صحيحان ، فإنه يجعل لكل واحد نصف درهم واحد ، والطلقات لا اختلاف فيها ؛ ولأن فيما ذكرنا أخذا باليقين فكان أولى من إيقاع طلقة زائدة بالشك ، وكذا إذا قال لهن : أوقعت بينكن ثلاثا ، فإنه يصيب كل واحدة ثلاثة أرباع طلقة ، ثم تكمل ( وعنه : إذا قال : أوقعت بينكن ثلاثا ، ما أرى إلا قد بن منه ) نقلها الكوسج ( واختاره القاضي ) ؛ لأن الثلاث إذا قسمت بينهن كان لكل واحدة جزء من ثلاث طلقات ، ثم تكمل ، وفي " المغني " و " الشرح " : أنهن يطلقن ثلاثا ثلاثا على قول أبي بكر والقاضي .

                                                                                                                          ( وإن قال : أوقعت بينكن خمسا ، فعلى الأولى يقع بكل واحدة طلقتان ) ؛ لأن لكل واحدة طلقة وربعا ، ثم تكمل ، وعلى الثانية : يقع بكل واحدة ثلاث ؛ لأنه إذا طلقت ثلاثا فيما إذا أوقع ثلاثا فلأن تطلق ثلاثا إذا أوقع خمسا بطريق الأولى ، فإن قال : أوقعت ستا أو سبعا أو ثمانيا ، فكذلك ، فإن قال : أوقعت بينكن تسعا - وقع بكل واحدة ثلاث عليهما ، وإن قال : أوقعت بينكن طلقة وطلقة وطلقة - فثلاث في قياس المذهب ؛ لأن الواو لا تقتضي ترتيبا ، وقيل : واحدة على الأولى ، فإن قال : أوقعت بينكن ثلث طلقة ، وثلث طلقة وسدس طلقة - وقع ثلاث ، كما لو عطفه بالفاء أو ثم ، إلا التي لم يدخل بها ، فإنها تبين بالأولى .




                                                                                                                          الخدمات العلمية