الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
القسم الثاني : فاسد ، وهو ثلاثة أنواع ، أحدها : ما يبطل النكاح ، وهو ثلاثة أشياء ، أحدها : نكاح الشغار ، وهو أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته ، ولا مهر بينهما ، فإن سموا مهرا ، صح ، نص عليه ، وقال الخرقي : لا يصح .
( القسم الثاني : فاسد وهو ثلاثة أنواع ، أحدها : ما يبطل النكاح ، وهو ثلاثة أشياء ، أحدها : nindex.php?page=treesubj&link=10806نكاح الشغار ) قيل : سمي به لقبحه تشبيها برفع الكلب رجله ليبول ، يقال : شغر الكلب ، إذا فعل ذلك ، وقيل : هو الرفع ، كأن كل واحد رفع رجله للآخر عما يريد ، وقيل : هو البعد ، كأنه بعد عن طريق الحق ، وقال الشيخ تقي الدين : الأظهر أنه من الخلو ، يقال : شغر المكان إذا خلا ، ومكان شاغر : أي : خال ، وشغر الكلب : إذا رفع رجله ; لأنه أخلى ذلك المكان من رجله ، وقد فسره الإمام أحمد بأنه فرج بفرج ، فالفروج كما لا توهب ولا تورث ، فلأن لا يعارض بضع ببضع أولى ; ولأنه جعل كل واحد من العقدين سلفا في الآخر ، فلم يصح ، كبعتك ثوبي بمائة على أن تبيعني ثوبك بمائة ، ( وهو أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته ولا مهر بينهما ) فهذا باطل ; لما روى نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=10340382أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشغار ، والشغار : أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته وليس بينهما صداق متفق عليه ، وأبو داود جعل تفسيره من كلام نافع ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مرفوعا ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340383لا شغار في الإسلام رواه مسلم ، وروي نحوه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين ، وأنس ، وجابر ، والنهي يدل على الفساد ، والنفي لنفي الحقيقة الشرعية ; ويؤيده فعل الصحابة . قال أحمد : روي عن عمر وزيد أنهما فرقا فيه ، وصرح أبو الخطاب وجمع - رواية ببطلان الشرط ، وصحة العقد من نصه في رواية الأثرم [ ص: 84 ] إذا تزوجها بشرط الخيار ، أو إن جاءها بالمهر في وقت كذا ، وإلا فلا نكاح أن النكاح جائز ، الشرط باطل ; إذ فساد التسمية لا يوجب فساد العقد ، كما لو تزوجها على خمر ونحوه ، فعلى هذا يجب مهر المثل ( فإن سموا مهرا ) مستقلا غير قليل حيلة ( صح ، نص عليه ) وعليه أكثر الأصحاب ; لحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر إذ التفسير إن كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - فظاهر ، وإن كان من نافع فهو راوي الحديث بما لا يخالف ظاهره ، فيقع ، وقيل : يصح بمهر المثل ( وقال الخرقي ) وأبو بكر في " الخلاف " ، وحكاه في " الجامع " رواية : إنه ( لا يصح ) ; لما روى nindex.php?page=showalam&ids=13723عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أن العباس بن عبد الله بن العباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته ، وأنكحه عبد الرحمن ابنته ، وقد كانا جعلا صداقا ، فكتب معاوية إلى nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما ، وقال : هذا الشغار الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم . رواه أحمد ، وأبو داود ، وجوابه بأن أحمد ضعفه من قبل nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، وبأنه يحمل على أنهما كانا جعلا صداقا قليلا حيلة ، وحكى المجد قولا وصححه أنه لا يصح مع قوله : وتضع كل واحدة مهر الأخرى فقط للتصريح بالتشريك المقتضي للبطلان ، وقد صرح القاضي ، وابن عقيل ، والمؤلف ، أنه متى صرح بالتشريك لا يصح النكاح ، قولا واحدا ، فهذه الصورة عندهم مخرجة من محل الخلاف ، وظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي يصح معه بتسمية ، وذكر الشيخ تقي الدين وجها اختاره : أن بطلانه لاشتراط عدم المهر ، ومتى قلنا بصحة العقد إذا سميا صداقا ، فقيل : تفسد التسمية ، ويجب مهر المثل ، وقيل : يجب المسمى وهو المذهب ، فإن سمى لإحداهما صداقا دون الأخرى ، فسد نكاحهما عند أبي بكر والأولى أنه يفسد في التي لم يسم لها صداقا ، وفي الأخرى روايتان .
[ ص: 85 ] مسألة : إذا nindex.php?page=treesubj&link=10806قال : زوجتك جاريتي هذه على أن تزوجني ابنتك ، ويكون رقيقها صداقا لابنتك - لم يصح تزويج الجارية ، وإذا nindex.php?page=treesubj&link=11196زوج ابنته على أن يجعل رقبة الجارية صداقا لها ، صح ، وإن زوج عبده امرأة ، وجعل رقبته صداقا لها ، صح النكاح ، ووجب مهر المثل .