[ ص: 17 ] بسم الله الرحمن الرحيم
قال شيخنا الإمام العلامة ، الحبر المحقق ، والمجتهد المدقق ، كاشف الفروع والأصول ، مبين المعقول والمنقول ، إمام الأئمة وزاهدها ، وجهبذ الأحاديث النبوية وناقدها ، أستاذ علماء الآفاق ، والمجمع عليه بالاتفاق ، المخصوص بالمواهب الإلهية ، والقائم بأعباء الشريعة المحمدية ، قاضي القضاة ، برهان الدين ، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي ، تغمده الله برحمته ، وأسكنه فسيح جنته ، بمنه وكرمه :
الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه ، ورفع قدر العلم وعظمه ، ووفق للتفقه في دينه من اختاره وفهمه .
أحمده حمدا يعصم من نقمه ، ويتكفل بدوام نعمه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، عالم خفيات الأسرار ، وغافر الخطيئات والأوزار . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه ، وخليله ، الداعي إلى سبيل ربه بالحكمة ، والكاشف برسالته جلابيب الغمة ، صلى الله عليه وعلى آله الكرام ، وأصحابه الحائزين من رضى الله أقصى المرام ، وسلم وكرم ، وشرف وعظم .
[ ص: 18 ] وبعد; فإن خصوصا علمي الحلال والحرام ، الذي به قوام الأنام ، ويتوصل به إلى العمل بالأولى والأحرى ، وتحصل به السعادة في الأولى ، ورفع الدرجات في الأخرى . الاشتغال في العلم من أفضل القربات ، وأجل الطاعات ، وآكد العبادات ،
وكنت قرأت فيه كتاب " المقنع " لشيخ الإسلام العلامة تغمده الله برحمته وأسكنه بحبوحة جنته . وهو من أجلها تصنيفا ، وأجملها ترصيفا ، وأغزرها علما ، وأعظمها تحريرا ، وأحسنها ترتيبا وتقريرا . فتصديت لأن أشرحه شرحا يبين حقائقه ، ويوضح دقائقه ، ويذلل من اللفظ صعابه ، ويكشف عن وجه المعاني نقابه ، أنبه فيه على ترجيح ما أطلق ، وتصحيح ما أغلق . واجتهدت في الاختصار خوف الملل والإضجار ، ووسمته بـ : " المبدع في شرح المقنع " ، والله أسأل أن ينفع به ، ويجعله خالصا لوجهه الكريم ، إنه غفور رحيم . موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة ،