فصل
في الحيل الدافعة للشفعة
منها : أن يبيع الشقص بأضعاف ثمنه دراهم ، ويأخذ عرضا قيمته مثل الثمن الذي تراضيا عليه عوضا عن الدراهم ، أو يحط عن المشتري ما يزيد عليه بعد انقضاء الخيار .
ومنها : ما قاله ابن سريج : يشتري أولا بائع الشقص عرضا يساوي ثمن الشقص بأضعاف ذلك الثمن ، ثم يجعل الشقص عوضا عما لزمه .
ومنها أن يبيع جزءا من الشقص بثمن كله ، ويهب له الباقي ، وهذه الطرق فيها غرر ، فقد لا يفي صاحبه .
ومنها : أن يجعل الثمن حاضرا مجهول القدر ، ويقبضه البائع ولا يزنه ، بل ينفقه أو يخلطه فتندفع الشفعة على الصحيح . وفيها خلاف ابن سريج السابق .
ومنها : إذا وقف الشقص ، أو وهبه ، بطلت الشفعة على رأي أبي إسحاق .
ومنها : لو باع بعض الشقص ، ثم باع الباقي ، لم يكن للشفيع أن يأخذ جميع المبيع ثانيا على أحد الوجهين ، فيندفع أخذ جميع المبيع .
ومنها : لو وكل البائع شريكه بالبيع ، فباع ، لم تكن له الشفعة على أحد الوجهين . وقد سبق ذكر هذه المسائل .
[ ص: 116 ] قلت : ومنها : أن يهب له الشقص بلا ثواب ، ثم يهب له صاحبه قدر قيمته ، قال الشيخ أبو حامد : هذا لا غرر فيه ، لأنه يمكنه أن يحترز من أن لا يفي صاحبه ، بأن يهبه ويجعله في يد أمين ليقبضه إياه ، ويهبه صاحبه قدر قيمته ، ويجعله في يد أمين ليقبضه إياه ، ثم يتقابضا في حالة واحدة . والله أعلم .
فرع عند أبي يوسف : لا يكره ، إذ ليس فيها دفع حق على الغير ، فإنه إنما يثبت بعد البيع . وعند دفع الشفعة بالحيلة محمد بن الحسن : يكره دفع الشفعة بالحيلة ، لما فيها من إبقاء الضرر ، وهذا أشبه بمذهبنا في الحيلة في منع وجوب الزكاة .
قلت : عجب من الإمام الرافعي رحمه الله كيف قال ما قال ، مع أن المسألة مسطورة ، وفيها وجهان . أصحهما ، وبه قال ابن سريج ، والشيخ أبو حامد : تكره هذه الحيلة . والثاني : لا ، قاله في كتاب الحيل . أما أبو حاتم القزويني ، فلا كراهة فيها قطعا ، وفيها من الحيل غير ما سبق [ ما ] ذكره الحيل في دفع شفعة الجار المتولي أنه يشتري عشر الدار مثلا بتسعة أعشار الثمن ، فلا يرغب الشفيع لكثرة الثمن ، ثم يشتري تسعة أعشاره بعشر الثمن ، فلا يتمكن الجار من الشفعة ، لأن المشتري حالة الشراء شريك في الدار ، والشريك مقدم على الجار ، أو يخط البائع على طرف ملكه خطا مما يلي دار جاره ، ويبيع ما وراء الخط فتمتنع شفعة الجار ، لأن بين ملكه وبين المبيع فاصلا ، ثم يهبه الفاصل . والله أعلم . [ ص: 117 ]