فصل
؛ كغيرها إذا جاوز دمها ، ولا صائر إلى الالتقاط من جميع الشهر وإن لم يزد مبلغ الدم على أكثر الحيض . إذا جاوز الدم بصفة التلفيق الخمسة عشر صارت مستحاضة
أو التمييز كغير ذات التلفيق . وإذا صارت مستحاضة فالفرق بين حيضها واستحاضتها بالرجوع إلى العادة
وقال محمد بن بنت الشافعي رحمهم الله تعالى : إن اتصل الدم المجاوز بدم الخمسة عشر فالحكم كذلك . وإن انفصل بتخلل نقاء فالمجاوز استحاضة . وجميع ما في الخمسة عشر من الدماء حيض . وفي نقائها القولان .
مثال المتصل : رأت ستة دما ، ثم ستة نقاء ، ثم ستة دما .
ومثال غير المتصل : رأت يوما ، ويوما ، فالسادس عشر نقاء ، هذا قول ابن بنت الشافعي . وبه قال أبو بكر المحمودي وغيره .
والصحيح : أنها مستحاضة في الجميع ، وعليه التفريع . خمس : فالمستحاضات
[ ص: 167 ] الأولى : المعتادة الحافظة عادتها . وهي ضربان :
( الضرب الأول ) عادة لا ينقطع فيها . ( والثاني ) عادة منقطعة . فالتي لا ينقطع لها كل عادة ، ترد إليها عند الإطباق . والمجاوزة ترد إليها عند التقطع والمجاوزة . ثم على قول السحب : كل دم يقع في أيام العادة وكل نقاء يتخلل دمين فيها فهو حيض .
والنقاء الذي لا يتخلل ليس بحيض . وأيام العادة كالخمسة عشر عند عدم المجاوزة ، فلا معدل عنه . وعلى قول التلفيق : فيما يجعل حيضا وجهان :
أصحهما : قدر عادتها من الدماء الواقعة في الخمسة عشر . فإن لم تبلغ الدماء في خمسة عشر قدر عادتها جعل الموجود فيها حيضا .
والثاني : حيضها الدماء الواقعة في أيام العادة لا غير .
مثاله : كانت تحيض خمسة متوالية من أول الشهر ، فيقطع دمها يوما يوما ، فعلى السحب : حيضها خمسة من أول الدور . وعلى التلفيق : من الخمسة عشر حيضها الأول والثالث والخامس والسابع والتاسع .
وعلى التلفيق من العادة : حيضها الأول والثالث والخامس . ولو كانت تحيض ستة ، فعلى السحب : حيضها خمسة ، وسقط السادس ؛ لأنه ليس محتوشا بدمي حيض في أيام العادة .
وعلى التلفيق من الخمسة عشر : حيضها أيام الدماء ، آخرها الحادي عشر . وعلى التلفيق من العادة : حيضها الأول والثالث والخامس . ولو انتقلت عادتها بتقدم ، أو تأخر ، ثم استحيضت ، عاد الخلاف كما ذكرنا في حالة الإطباق . وكذا الخلاف فيما تثبت به العادة .
مثال التقدم : كان عادتها خمسة من ثلاثين ، فرأت في بعض الأشهر يوم الثلاثين دما ، واليوم الذي بعده نقاء ، وهكذا إلى أن انقطع دمها ، وجاوز الخمسة عشر ، قال أبو إسحاق : حيضها أيامها القديمة ، وما قبلها استحاضة .
فإن سحبنا فحيضها اليوم الثاني والثالث والرابع .
[ ص: 168 ] قال الجمهور - وهو المذهب - : تنتقل العادة بمرة . فإن سحبنا ، فحيضها خمسة متوالية . أولها : الثلاثون ، وإن لفقنا من العادة ، فحيضها الثلاثون . والثاني ، والرابع ، إن لفقنا من الخمسة عشر ، ضممنا إليها السادس ، والثامن .
ومثال التأخر : أن . ترى في بعض الأشهر ، اليوم الأول : نقاء . والثاني : دما ، واستمر التقطع
فعند أبي إسحاق : الحكم كما سبق في الصورة السابقة . وعلى المذهب : إن سحبنا فحيضها خمسة متوالية ، أولها الثاني ، وإن لفقنا من العادة فالثاني والرابع والسادس . وهو : إن خرج عن العادة القديمة ، فبالتأخر انتقلت عادتها ، وصار الثاني أولها والسادس آخرها ، وإن لفقنا من الخمسة عشر ضممنا إليها الثامن والعاشر . وقد صار طهرها السابق على الاستحاضة في هذه الصورة ، ستة وعشرين ، وفي صورة التقدم ، أربعة وعشرين . ولو لم يتقدم الدم في المثال المذكور ولا تأخر ، لكن تقطع هو والنقاء يومين يومين ، لم يعد خلاف أبي إسحاق ، بل مبني على القولين . فإن سحبنا ، فحيضها خمسة متوالية . والسادس استحاضة ، كالدماء بعده ، وإن لفقنا من العادة ، فحيضها الأول والثاني والخامس ، وإن لفقنا من الخمس عشر ، ضممنا إليها السادس والتاسع .
وحكي وجه شاذ : أن الخامس لا يجعل حيضا إذا لفقنا من العادة ولا التاسع إذا لفقنا من الخمسة عشر ؛ لأنهما ضعفا باتصالهما بدم الاستحاضة .
ويجرى هذا الوجه في كل نوبة دم يخرج بعضها عن أيام العادة ، إن اقتصرنا عليها ، أو عن الخمسة عشر إن اعتبرناها . هذا بيان حيضها .
فأما قدر طهرها بعده ، إلى استئناف حيضة أخرى ، فينظر ، إن كان التقطع ، بحيث ينطبق الدم على أول الدور ، فهو ابتداء الحيضة الأخرى ، وإن لم ينطبق ، فابتداؤها أقرب نوب الدماء إلى الدور ، تقدمت أو تأخرت ، فإن استويا في التقدم والتأخر ، فابتداء حيضها النوبة المتأخرة ، ثم قد يتفق التقدم والتأخر في بعض أدوار الاستحاضة ، دون بعض .
وطرائق معرفة ذلك أن تأخذ [ ص: 169 ] نوبة دم ونقاء ، وتطلب عددا صحيحا يحصل من مضروب مجموع النوبتين فيه مقدار دورها ، فإن وجدته ، فاعلم انطباق الدم على أول الدور ، وإلا ، فاضربه في عدد يكون الحاصل منه أقرب إلى دورها ، زائدا كان أو ناقصا . واجعل حيضها الثاني ، أقرب الدماء إلى أول الدور ، فإن استوى طرف الزيادة والنقص فالاعتبار بالزائد ؛ مثاله : عادتها خمسة من ثلاثين ، وتقطعا يوما يوما وجاوز ، فنوبة الدم يوم ، ونوبة النقاء مثله . وتجد عددا إذا ضربت الاثنين فيه بلغ ثلاثين ، وهو خمسة عشر ، فيعلم انطباق الدم ، على أول دورها أبدا ، ما دام التقطع بهذه الصفة .
ولو كانت المسألة بحالها ، وانقطع يومين يومين ، فلا تجد عددا يحصل من ضرب أربعة فيه ثلاثون . فاطلب ما يقرب الحاصل فيه من الضرب فيه من ثلاثين وهنا عددان سبعة وثمانية ، أحدهما : يحصل منه ثمانية وعشرون .
والآخر : اثنان وثلاثون . فاستوى طرفا الزيادة والنقص ، فخذ بالزيادة ، واجعل أول الحيضة الأخرى ، الثالث والثلاثين . وحينئذ ، يعود خلاف أبي إسحاق ، لتأخر الحيض ، فحيضها عنده في الدور الثاني ، هو اليوم الثالث والرابع فقط على القولين .
وأما على المذهب ، فإن سحبنا فحيضها خمسة متوالية أولها الثالث . وإن لفقنا من العادة فحيضها الثالث والرابع والسابع . وإن لفقنا من الخمسة عشر ضممنا إليها الثامن والحادي عشر .
ثم في الدور الثالث ، ينطبق الدم على أول الدور ، فلا يبقى خلاف أبي إسحاق ، ويكون الحكم كما ذكرنا في الدور الأول . وفي الدور الرابع يتأخر الحيض ويعود الخلاف وعلى هذا أبدا .
ولو كانت المسألة بحالها ورأت ثلاثة أيام دما ، وأربعة نقاء فمجموع النوبتين سبعة . ولا تجد عددا إذا ضربت السبعة فيه بلغ ثلاثين ، فاضربه في أربعة ، لتبلغ ثمانية وعشرين . واجعل أول الحيضة الثانية ، التاسع والعشرين .
وقد تقدم الحيض على أول الدور . [ ص: 170 ] فعلى قياس أبي إسحاق ما قبل الدور استحاضة ، وحيضها اليوم الأول فقط على القولين . وقياس المذهب ، لا يخفى . ولو كانت عادتها ستة من ثلاثين ، ويقطع الدم في بعض الأدوار ، ستة ستة ، وجاوز ، ففي الدور الأول حيضها الستة الأولى بلا خلاف .
وأما الدور الثاني ، فإنها ترى ستة من أوله نقاء ، وهي أيام العادة . فعند أبي إسحاق : لا حيض لها في هذا الدور أصلا ، وعلى المذهب ، وجهان :
أصحهما : تحيضها الستة الثانية ، على قولي السحب والتلفيق جميعا . والثاني : حيضها الستة الأخيرة من الدور الأول . ويجيء هذا الوجه ، حيث خلا جميع أيام العادة عن الحيض .
هذا كله ، إذا لم ينقص الدم الموجود في زمن العادة عن أقل الحيض . فإن نقص ، بأن كانت عادتها يوما وليلة ، فرأت في بعض الأدوار يوما دما ، وليلة نقاء . واستحيضت فثلاثة أوجه على قول السحب ، الأصح لا حيض لها في هذه الصورة . والثاني ، تعود إلى قول التلفيق . والثالث : حيضها الأول والثاني والليلة بينهما .
وأما على قول التلفيق ، فلا حيض لها إن لفقنا على العادة . فإن لفقنا من الخمسة عشر ؛ حيضها الأول والثاني وجعلنا الليلة بينهما طهرا .
قلت : قوله : لا حيض لها إن لفقنا من العادة هو الأصح .
وذكر الإمام وجها آخر عن المحمودي : أنه تلفق من الخمسة عشر . وادعى في ( الوسيط ) أنه لا طريق غيره . والله أعلم .
الضرب الثاني : العادة المتقطعة . فإذا استمرت لها عادة متقطعة قبل الاستحاضة ، ثم استحيضت مع التقطع ، نظر ، إن كان التقطع بعد الاستحاضة كالتقطع قبلها ، فمردها قدر حيضها على اختلاف القولين .
مثاله : كانت ترى ثلاثة دما ، وأربعة نقاء ، وثلاثة دما ، وتطهر عشرين ، ثم استحيضت ، والتقطع على هذه الصفة ، فإن سحبنا كان حيضها قبل الاستحاضة [ ص: 171 ] عشرة ، وكذا بعدها .
وإن لفقنا ، كان حيضها ستة ، بتوسط بين نصفيها أربعة ، وكذا الآن . فإن اختلف التقطع ، بأن تقطع في المثال المذكور في بعض الأدوار يوما يوما ، ثم استحيضت ، فإن سحبنا ، فحيضها الآن تسعة أيام .
وإن لفقنا من العادة ، فحيضها الأول ، والثالث ، والتاسع ، إذ ليس لها في أيام حيضها القديم على هذا القول دم ، إلا في هذه الثلاثة . وإن لفقنا من الخمسة عشر ضممنا إليها الخامس والسابع والحادي عشر .