النوع الرابع : الحلق والقلم ، فتحرم ، وتجب فيه الفدية ، سواء فيه شعر الرأس والبدن ، وسواء الإزالة بالحلق أو التقصير أو النتف أو الإحراق أو غيرها . إزالة الشعر قبل وقت التحلل كإزالة الشعر سواء قلمه أو كسره ، أو قطعه . ولو وإزالة الظفر فلا فدية ؛ لأنهما تابعان غير مقصودين . ولو قطع يده أو بعض أصابعه وعليها شعر أو ظفر فلا فدية ، والشعر تابع . وشبهوه بما إذا أرضعت امرأته الكبيرة الصغيرة ، بطل النكاح ولزمها مهر الصغيرة . ولو قتلتها ، فلا مهر عليها لاندراج البضع في القتل . ولو مشط لحيته ، فنتف شعرا ، فعليه الفدية . فإن شك هل كان منسلا ، أو انتتف بالمشط ؟ فلا فدية على الصحيح . وقيل : الأظهر . كشط جلدة الرأس
[ ص: 136 ] فرع
سيأتي إن شاء الله تعالى في باب الدماء أن لها خصال . إحداها : إراقة دم ، فلا يتوقف وجوب كمال الدم على حلق جميع الرأس ، ولا على قلم جميع الأظفار بالإجماع ، بل يكمل الدم في ثلاث شعرات ، أو ثلاثة أظفار ، سواء كانت من أظفار اليد أو الرجل ، أو منهما . هذا إذا أزالها دفعة في مكان . فإن فرق زمانا أو مكانا ، فسيأتي بعد النوع السابع إن شاء الله تعالى . فإن حلق شعرة أو شعرتين ، فأقوال . فدية الحلق والقلم
أظهرها وهو نصه في أكثر كتبه : أن في الشعرة مدا من طعام ، وفي شعرتين مدين .
والثاني : في شعرة درهم ، وفي شعرتين درهمان .
والثالث : في شعرة ثلث دم ، وفي شعرتين ثلثاه . والرابع : في الشعرة الواحدة دم كامل . والظفر كالشعرة ، والظفران ، كالشعرتين . ولو قلم دون المعتاد ، فكتقصير الشعر . ولو أخذ من بعض جوانبه ، ولم يستوعب رأس الظفر ، فإن قلنا : في الظفر الواحد دم أو درهم ، وجب بقسطه . وإن قلنا : مد لم يبعض .
فرع
هذا الذي سبق في الحلق لغير عذر . فأما فلا إثم فيه . وأما الفدية ، ففيها صور . الحلق لعذر
إحداها : لو فله الحلق وعليه الفدية . كثر القمل في رأسه ، أو كان به جراحة أحوجه أذاها إلى الحلق ، أو تأذى بالحر لكثرة شعره
[ ص: 137 ] الثانية : لو قلعها ولا فدية على المذهب . وقيل : وجهان . ولو نبتت شعرة أو شعرات داخل جفنه ، وتأذى بها ، قطع قدر المغطى ، ولا فدية . وكذا لو طال شعر حاجبه أو رأسه ، وغطى عينه قطع المنكسر ، ولا يقطع معه من الصحيح شيئا . انكسر بعض ظفره ، وتأذى به
الثالثة : ذكرنا أن النسيان يسقط الفدية في الطيب واللباس ، وكذا حكم ما عدا الوطء من الاستمتاعات ، كالقبلة واللمس بشهوة . وفي وطء الناسي ، خلاف يأتي إن شاء الله تعالى . ؟ وجهان . وهل تجب الفدية بالحلق والقلم ناسيا
أصحهما : تجب وهو المنصوص . والثاني : مخرج في أحد قولين له في المغمى عليه إذا حلق والمجنون والصبي الذي لا يميز ، كمغمى عليه . ولو ، قال الأكثرون : فيه القولان كالحلق . وقيل : تجب قطعا . قتل الصيد ناسيا
فرع
. ولو للمحرم حلق شعر الحلال أثم . فإن حلق بإذنه ، فالفدية على المحلوق ، وإلا فإن كان نائما ، أو مكرها ، أو مغمى عليه ، فقولان . أظهرهما : الفدية على الحالق ، والثاني : على المحلوق . فعلى الأول : لو حلق المحرم أو الحلال شعر المحرم ؟ وجهان : أصحهما ، وبه قال الأكثرون : نعم . ولو امتنع الحالق من الفدية مع قدرته ، فهل للمحلوق مطالبته بإخراجها جاز ، وبغير إذنه لا يجوز على الأصح ، كما لو أخرجها أجنبي بغير إذنه . وإن قلنا : الفدية على المحلوق ، نظر إن فدى بالهدي أو الإطعام ، رجع بأقل الأمرين من الإطعام ، وقيمة الشاة على الحالق . وإن فدى بالصوم فأوجه . أصحها : لا يرجع . والثاني : يرجع بثلاثة أمداد من طعام ؛ لأنها بدل صومه . والثالث : يرجع بما يرجع به لو فدى بالهدي أو الإطعام . وإذا قلنا : يرجع [ ص: 138 ] ، فإنما يرجع بعد الإخراج على الأصح . وعلى الثاني : له أن يأخذ منه ثم يخرج . وهل للحالق أن يفدي على هذا القول ؟ أما بالصوم فلا ، وأما بغيره فنعم ، لكن بإذن المحلوق . وإن لم يكن نائما ولا مكرها ولا مغمى عليه ، لكنه سكت فلم يمنعه من الحلق ، فوجهان . وقيل : قولان . أصحهما : هو كما لو حلق بإذنه ، والثاني : كما لو حلقه نائما . ولو أخرج المحلوق الفدية بإذن الحالق ، فالفدية على الآمر إن لم يعرف الحالق الحال وإلا فعليه على الأصح . أمر حلال حلالا بحلق شعر محرم نائم
قلت : ولو ، قال طارت نار إلى شعره فأحرقته الروياني : إن لم يمكنه إطفاؤها فلا شيء عليه ، وإلا فهو كمن حلق رأسه وهو ساكت . - والله أعلم - .