[ ص: 146 ] باب
تارك الصلاة
وهو ضربان .
أحدهما : ، فهو مرتد تجري عليه أحكام المرتدين ، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام ، يجوز أن يخفى عليه وجوبها ، ويجري هذا الحكم في جحود كل حكم مجمع عليه . تركها جحدا لوجوبها
قلت : أطلق الإمام الرافعي القول بتكفير جاحد المجمع عليه ، وليس هو على إطلاقه ، بل من جحد مجمعا عليه فيه نص ، وهو من أمور الإسلام الظاهرة التي يشترك في معرفتها الخواص والعوام ، كالصلاة ، أو الزكاة ، أو الحج ، أو تحريم الخمر ، أو الزنا ، ونحو ذلك ، فهو كافر . ومن جحد مجمعا عليه لا يعرفه إلا الخواص ، كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب ، وتحريم نكاح المعتدة ، وكما إذا أجمع أهل عصر على حكم حادثة ، فليس بكافر ، للعذر ، بل يعرف الصواب ليعتقده . ومن جحد مجمعا عليه ، ظاهرا ، لا نص فيه . ففي الحكم بتكفيره خلاف يأتي - إن شاء الله تعالى - بيانه في باب الردة ، وقد أوضح صاحب ( التهذيب ) القسمين الأولين في خطبة كتابه . - والله أعلم - .
الضرب الثاني : من ، وهو قسمان . أحدهما : ترك لعذر ، كالنوم ، والنسيان ، فعليه القضاء فقط ، ووقته موسع . والثاني : ترك بلا عذر تكاسلا ، فلا يكفر على الصحيح . وعلى الشاذ : يكون مرتدا كالأول ، فعلى الصحيح : يقتل حدا . وقال تركها غير جاحد المزني : يحبس ويؤدب ولا يقتل . ومتى يقتل ؟ فيه أوجه . الصحيح : بترك صلاة واحدة إذا ضاق وقتها ، والثاني : إذا ضاق وقت الثانية . والثالث : إذا ضاق وقت الرابعة . والرابع : إذا ترك أربع صلوات . والخامس : [ ص: 147 ] إذا ترك من الصلوات قدرا يظهر لنا به اعتياده الترك وتهاونه بالصلاة . والمذهب الأول . والاعتبار بإخراج الصلاة عن وقت الضرورة . فإذا ترك الظهر لم يقتل حتى تغرب الشمس ، وإذا ترك المغرب ، لم يقتل حتى يطلع الفجر . حكاه الصيدلاني ، وتابعه الأئمة عليه . وعلى الأوجه كلها : لا يقتل حتى يستتاب . وهل يكفي قولان . قال في ( " العدة " ) : المذهب أنه لا يمهل . والقولان في الاستحباب على المذهب ، وقيل : في الإيجاب . الاستتابة في الحال ، أم يمهل ثلاثة أيام ؟
فرع .
الصحيح أنه يقتل بالسيف ضربا كالمرتد . وفي وجه : ينخس بحديدة ، ويقال : صل ، فإن صلى ، وإلا كرر عليه [ النخس ] حتى يموت . وفي وجه : يضرب بالخشب حتى يصلي أو يموت . وأما والصلاة عليه فتقدم بيانها في الصلاة على الميت . غسل المقتول لترك الصلاة ودفنه
فرع .
إذا ، ترك . أراد السلطان قتله ، فقال : صليت في بيتي
فرع .
يقتل على الصحيح . ولو تارك الوضوء - لم يقتل ، قاله امتنع من صلاة الجمعة وقال : أصليها ظهرا ، بلا عذر في فتاويه ؛ لأنه لا يقتل الغزالي ، فالجمعة أولى ، لأن لها بدلا ، وتسقط بأعذار كثيرة . بترك الصوم
[ ص: 148 ] قلت : قد جزم الإمام الشاشي في فتاويه بأنه يقتل بترك الجمعة ، وإن كان يصليها ظهرا ؛ لأنه لا يتصور قضاؤها ، وليست الظهر قضاء عنها . وقد اختار هذا غير الشاشي ، واستقصيت الكلام عليه في أول كتاب الصلاة ، من شرح ( المهذب ) . ولو ، قال صاحب ( البيان ) : يأثم ولا ضمان عليه قتل إنسان تارك الصلاة في مدة الإمهال . وسيأتي كلام كقاتل المرتد الرافعي فيه في كتاب الجنايات ، إن شاء الله تعالى . وإن ، ونحو ذلك من الأعذار ، صحيحة كانت أو باطلة ، قال صاحب " التتمة " : يقال له : صل ، فإن امتنع ، لم يقتل على المذهب ؛ لأن القتل بسبب تعمد تأخيرها عن الوقت ، ولم يتحقق ذلك ، وفي وجه أنه يقتل لعناده . قال : ولو قال : تعمدت تركها ، ولا أريد أن أصليها ، قتل قطعا . وإن قال : تعمدت تركها بلا عذر ، ولم يقل : ولا أصليها - قتل أيضا على المذهب ؛ لتحقق جنايته . وفيه وجه أنه لا يقتل ما لم يصرح بالامتناع من القضاء . واعلم أن ترك الصلاة وقال : تركتها ناسيا ، أو للبرد ، أو عدم الماء ، أو لنجاسة كانت علي ، على التراخي على المذهب ، ومن ترك بغير عذر ، فيه وجهان : أصحهما عند العراقيين : على التراخي ، والصواب ما قاله الخراسانيون أنه على الفور . وستأتي المسألة في كتاب الحج إن شاء الله تعالى كما قدمنا الوعد به في آخر صفة الصلاة ، والله أعلم . قضاء من ترك الصلاة بعذر