الركن الثالث : ، فلا يصح الأهل ، ولا صبي لا يميز ، ولا مميز على الأظهر ، فإن صححناه ، صح رجوعه بالقول إن جوزنا الرجوع عن التدبير بالقول ، وفيه وجه . وإن قلنا : يملك الرجوع بالقول ، فالتصرف الذي يحصل به الرجوع ، لا يصح منه ، لكن يقوم [ ص: 192 ] الولي مقامه ، فإذا رأى المصلحة في بيعه ، باعه ، وبطل التدبير ، ويصح تدبير مجنون على المذهب ، وقيل : قولان كالمميز ، فإن صححنا ، فرجوعه كما ذكرنا في المميز ، وتدبير المحجور عليه بفلس كإعتاقه ، وقد سبق في التفليس . تدبير المحجور عليه بسفه
وفي الخلاف السابق في سائر تصرفاته . وفي تدبير السكران أقوال مبنية على ملكه ، إن قلنا : باق ، صح تدبيره ، وإن قلنا : زال ، فلا . وإن قلنا : موقوف ، فتدبيره موقوف ، إن أسلم ، بان صحته ، وإن مات مرتدا ، بان فساده . وحكي قول في بطلان تدبيره على قول الوقف ، ثم قال تدبير المرتد ابن سلمة : الأقوال إذا حجر القاضي عليه ، فأما قبله ، فيصح قطعا ، وقال أبو إسحاق : هي قبل الحجر ، فأما بعده ، فلا يصح قطعا . وقال غيرهما بطرد الأقوال في الحالين . وقد سبق في الردة أن البغوي جعل الوقف أصح . وروى بعضهم أن رضي الله عنه قال : أشبه الأقوال بالصحة زوال الملك بنفس الردة ، وبه أقول . ولو دبر عبدا ، ثم ارتد ، فثلاث طرق ، أصحها وهو الذي رجحه الشافعي ، والعراقيون ، وبه قال ابن كج أبو إسحاق : لا يبطل التدبير قطعا ، فإذا مات مرتدا ، عتق العبد ، صيانة لحق العبد عن الضياع ، كحق الغرماء ، وكما لا يبطل بيعه وسائر عقوده .
والثاني : يبطل قطعا ; لأنه لو بقي ، لنفذ من الثلث ، وما نفذ من الثلث ، اشترط فيه بقاء الثلثين للورثة ، وهذا ضعيف ، وعلى هذا تبطل وصايا المرتد .
والثالث ، وبه قال ابن سلمة : يبنى على أقوال الملك ، إن بقي ، فالتدبير باق ، وإن زال ، بطل . وإن وقف ، فإن قلنا بالبطلان ، فأسلم ، عاد ملكه ، وعاد التدبير على [ ص: 193 ] المذهب . وقيل : قولان ، كعود الحنث ، كما لو باع مدبرا ، ثم ملكه . وإن أبقينا التدبير ، عتق المدبر من الثلث ، وجعل الثلثان فيئا ، وفي وجه : يعتق كله ، ورعاية الثلث والثلثين يختص بالميراث . ولو ارتد المدبر ، قتل كالقن ، لكن لا يبطل التدبير بالردة ، كما لا يبطل الاستيلاد والكتابة بالردة . فلو مات السيد قبل قتله ، عتق . ولو التحق المرتد بدار الحرب ، فسبي ، فهو على تدبيره ، ولا يجوز استرقاقه ; لأنه إن كان سيده حيا ، فهو له ، وإن مات ، فولاؤه له ، ولا يجوز إبطاله ، فإن كان سيده ذميا ، ففي جواز استرقاق عتيقه خلاف سبق . ولو استولى الكفار على مدبر مسلم ، ثم عاد إلى يد المسلمين ، فهو مدبر كما كان .
فرع
، يصح تدبيره وتعليقه العتق بصفة ، كما يصح استيلاده ، سواء الكتابي ، والمجوسي ، والوثني والحربي ، والذمي ، ولا يمنع الكافر من حمل مدبره ومستولدته الكافرين إلى دار الحرب ، سواء جرى التدبير في دار الإسلام ، أو دار الحرب ، وليس له حمل مكاتبه الكافر قهرا ، لظهور استقلاله . ولو دبر كافر عبدا كافرا ، ثم أسلم العبد ، فإن رجع السيد عن التدبير بالقول ، وجوزناه ، بيع عليه ، وإلا ، ففي بيعه قولان منصوصان في " الأم " أحدهما : يباع عليه ، ويبطل التدبير دفعا لإذلاله ، وأظهرهما : لا يباع ، بل يبقى التدبير ، لتوقع الحرية ، ولكن يخرج من يده ، ويجعل في يد عدل ، ويصرف كسبه إليه ، كما لو أسلمت مستولدته ، فإن خرج سيده إلى دار الحرب ، أنفق من كسبه عليه ، وبعث ما فضل إلى السيد ، [ ص: 194 ] فإذا مات ، عتق من الثلث ، فإن بقي منه شيء للورثة ، بيع عليهم . ولو أسلم مكاتب الكافر ، فقيل : قولان كالمدبر ، والمذهب أنه لا يباع ، بل تبقى الكتابة ، لانقطاع سلطة السيد واستقلاله ، فإن عجزه السيد ، بيع عليه . الكافر الأصلي
فرع
إذا ، فالمشهور أنه لا يسري ولا يقوم عليه نصيب شريكه ، فإن مات وعتق نصيبه ، لم يسر أيضا إلى نصيب الشريك ; لأن الميت معسر ، بخلاف ما إذا علق عتق نصيبه بصفة فوجدت وهو موسر ، يسري . وفي قول : يسري ، وحكي هذا وجها . ولو دبر بعض عبده الخالص ، صح ، ولا سراية ، ويجيء فيه الخلاف في نصيب الشريك وأولى . دبر أحد الشريكين نصيبه