الخصيصة الثانية : ، فمن ملك أباه ، أو أمه ، أو أحد أصوله من الأجداد والجدات من جهة الأب أو الأم ، أو ملك من أولاده ، وأولاد أولاده وإن سفلوا ، عتق عليه ، سواء ملكه قهرا بالإرث ، أم اختيارا بالشراء والهبة وغيرهما ، ولا يعتق غير الأصول والفروع ، كالإخوة والأعمام والأخوال وسائر الأقارب . وليس لولي الصبي والمجنون أن يشتري لهما من يعتق عليهما ، فإن فعل ، فالشراء باطل . العتق بالقرابة
ولو وهب للصبي قريبه ، أو أوصى له به . نظر ، إن كان الصبي معسرا ، فلوليه قبوله ، ويلزمه القبول على الأصح وظاهر النص ، فإذا قبل ، عتق على الصبي . وإن كان موسرا ، نظر ، إن كان القريب بحيث يجب تعففه في الحال ، لم يجز للولي القبول ، وإن كان بحيث لا يجب ، فعلى ما ذكرنا في المعسر ، وإذا لم يقبل الولي قبل الحاكم ، فإن لم يفعل ، فللصبي بعد بلوغه القبول ، كذا ذكره الروياني ، وليكن هذا في الوصية . ولو وهب له بعض القريب ، أو أوصى له به ، فإن كان الصبي معسرا ، قبل الولي ، وإن كان موسرا ، زاد النظر في غرامة السراية ، وفيه قولان . أظهرهما : لا يقبل ; لأنه لو قبل ، لعتق على الصبي ، وسرى ، ولزمه قيمة الشريك ، وفيه ضرر . والثاني : يقبل ، ويعتق عليه ، ولا يسري . وقيل : ليس له القبول قطعا ، وإنما القولان في صحة القبول .
فرع
اشترى في مرض موته قريبه ، فإما أن يشتريه بثمنه أو بمحاباة ، وعلى التقدير الأول ، قد يكون عليه دين ، وقد لا ، وقد سبق بيان [ ص: 134 ] كل ذلك في الوصية ، وذكرنا أنه إذا لم يكن دين ولا وصية ، اعتبر عتقه من الثلث ، فإن خرج كله من ثلثه ، عتق ، وإلا ، عتق قدر الثلث ، وإن ملكه بإرث ، عتق من رأس المال على الأصح حتى يعتق كله ، وإن لم يكن مال آخر . وقيل : من الثلث حتى لا يعتق إلا ثلثه ، إذا لم يملك شيئا آخر . ولو ملكه بهبة أو وصية ، فإن قلنا : الإرث من الثلث ، فهنا أولى ، وإلا فوجهان ، والمسألة مبسوطة في الوصايا .
فرع
من قواعد كتاب السير أن الحربي إذا قهر حربيا ، ملكه ، قال الإمام : ولم يشترط الأصحاب قصد الإرقاق ، بل اكتفوا بصورة القهر ، وعندي لا بد من القصد ، فإن القهر قد يكون للاستخدام ، فلا يتميز قهر الإرقاق إلا بالقصد ، فإذا قهر عبد سيده الحربي ، عتق العبد ، وصار السيد رقيقا له . ولو قهر الزوج زوجته ، واسترقها ، ملكها ، وجاز له بيعها ، وكذا لو قهرت زوجها .
وجهان ، أحدهما : لا ، وبه قال ولو قهر حربي أباه أو ابنه ، فهل له بيعه ؟ ابن الحداد : لا يعتق عليه بالملك . والثاني : نعم ; لأن القهر دائم ، وبهذا أفتى الشيخ أبو زيد ، ويشبه أن يرجح الأول ، ويتجه أن يقال : لا يملكه بالقهر ، لاقتران سبب العتق بسبب الملك . ويخالف الشراء فإنا صححناه لكونه ذريعة إلى تخليصه من الرق .
فرع
قد سبق أنه ، وفي معناه قبول الهبة والوصية . ولو ورث نصفه ، لا يسري ، [ ص: 135 ] وشراء الوكيل وقبوله الهبة والوصية كشرائه وقبوله لصدوره عن اختياره ، وكذا قبول نائبه شرعا ، حتى لو أوصى له ببعض ابنه ، فمات ، وقبل الأخ الوصية ، عتق الشقص على الميت ، وسرى إلى الباقي إن وفى به الثلث ، وينزل قبول وارثه منزلة قبوله في حياته . ولو أوصى له ببعض من يعتق على وارثه ، بأن أوصى له ببعض ابن أخيه ، فمات ، وقبل الأخ الوصية ، عتق الشقص على الميت ، وسرى إلى الباقي إن وفى به الثلث ، وينزل قبول وارثه منزلة قبوله في حياته . لو اشترى بعض قريبه ، عتق عليه ، وسرى إلى الباقي
ولو أوصى له ببعض من يعتق على وارثه ، بأن أوصى له ببعض ابن أخيه ، فمات ، وقبل الأخ الوصية ، عتق الشقص ولا سراية على الأصح ; لأن الملك حصل للميت أولا ، ثم انتقل إلى الأخ إرثا ، ويجري الخلاف في السراية حيث يملك بطريق اختيار يتضمن الملك ، ولا يقصد به التملك ، كما إذا باع ابن أخيه بثوب ومات ، ووارثه الأخ ، فرد الثوب بعيب ، واسترد الشقص ، عتق عليه . وفي السراية الخلاف . ولو وهب لعبد بعض من يعتق على سيده ، فقبل ، وقلنا : يصح قبوله بغير إذن سيده ، عتق الموهوب على السيد ، وسرى ; لأن قبول العبد كقبوله شرعا .
قلت : هذا مشكل ، وينبغي أن لا يسري ; لأنه دخل في ملكه قهرا كالإرث . والله أعلم .
فرع
جرح عبد أباه ، فاشتراه الأب ، ثم مات بالجراحة . إن قلنا : تصح الوصية للقاتل ، عتق من ثلثه ، وإلا لم يعتق . وعلى هذا قال البغوي : ينبغي أن تجعل صحة الشراء على وجهين ، كما لو اشتراه وعليه دين .