الطرف الرابع في العتق والوصية :
من الأصول الممهدة أن من ، ينحصر العتق في الأول ، وإن أعتقهما معا ، أقرع ، فإن علم سبق أحدهما ، ولم يعلم عينه ، فهل يقرع بينهما ، أم يعتق من كل واحد نصفه ؟ قولان ، [ ص: 85 ] أظهرهما : الثاني ، ورجح جماعة الأول . ولو علم عين السابق ، ثم جهلت ، فقيل بطرد القولين ، والمذهب القطع بأنه يعتق من كل عبد نصفه . ولو أعتق في مرض موته عبدين . كل واحد منهما ثلث ماله على الترتيب ، ولم تجز الورثة ، أقرع ، سواء وقع التعليقان أو الوصيتان معا أو مرتبا . ولو علق عتق عبدين بالموت ، أو أوصى بعتقهما ومات ، وكل واحد ثلث ماله ، فإن أرختا تاريخا مختلفا ، عتق من أعتقه أولا ، وإن اتحد تاريخهما ، أقرع ، وإن أطلقت إحداهما ، ففي " التهذيب " أنه يقرع ، لاحتمال الترتيب والمعية . وقال جماعة منهم الإمام قامت بينة أن المريض أعتق سالما وبينة أنه أعتق غانما ، وكل واحد ثلث ماله : احتمال الترتيب أقرب ، وأغلب من احتمال المعية ، والسابق منهما غير معلوم . وإذا كان كذلك ، وتعارضتا ، وأطلقتا ، عرفنا أن أحد الصنفين سابق ، ولم نعرفه بعينه ، فيجيء القولان في أنه يقرع بينهما ، أم يعتق من كل عبد نصفه ؟ ومن فروع القولين ما لو والغزالي ، فإن قلنا بالقرعة ، فخرجت للعبد الخسيس ، عتق وعتق معه نصف الآخر ليكمل الثلث ، وإن خرجت للنفيس ، عتق وحده ، وإن قلنا هناك : يعتق من كل واحد نصفه ، فهاهنا وجهان ، الصحيح وبه قطع الأكثرون : يعتق من كل واحد ثلثاه ، كما لو قامت البينتان كذلك ، لكن أحد العبدين سدس المال ، أعطى كل واحد ثلثي ما أوصى له به . والثاني : يعتق من النفيس ثلاثة أرباعه ، ومن الخسيس نصفه ؛ لأنه إن سبق عتق النفيس عتق كله ، وإن سبق الخسيس فنصف النفيس بعده حر ، فأحد نصفيه حر على التقديرين والنزاع في النصف الثاني وهو قدر سدس المال ، فيقسم بينهما ، فيعتق من النفيس ربع آخر ، ومن الخسيس نصفه . ولو أوصى لرجل بثلث ماله ، ولآخر بسدسه أقرع بينهما ، سواء أطلقت البينتان أو أرختا ؛ لأن المعلقين بالموت كالواقعين معا في المرض . هذا هو المذهب . وقيل : قولان أحدهما : يقرع ، والثاني : يعتق من كل عبد نصفه . قامت بينتان بتعليق عتق عبدين [ ص: 86 ] بالموت أو بالوصية بإعتاقهما ، وكل واحد ثلث المال ، ولم تجز الورثة