الركن الثالث : أصل الظهار ، تشبيه الزوجة بظهر الأم ، ولو شبهها بجدة من جهة الأب أو الأم ، فهو ظهار قطعا ، هكذا قطع به الجمهور . المشبه به
وقيل : فيه خلاف كالتشبيه بالبنت . وأما ، فقسمان . أحدهما : غير الأم والجدة من المحارم ، كالبنات ، والأخوات ، والعمات ، والخالات ، وبنات الأخت . فإذا شبه زوجته بظهر واحدة منهن ، فقولان ، الجديد وأحد قولي القديم : أنه ظهار ، والثاني : لا ، للعدول عن المعهود . محرمات بالنسب
القسم الثاني : ، وهن ضربان ، محرمات بالرضاع ، ومحرمات بالمصاهرة ، وفيهن خلاف مشتمل على أقوال ، وطرق ، وأوجه ، والمذهب منها عند الأصحاب : أن التشبيه بمن لم تزل منهن محرمة عليه ظهار ، وبما كانت حلالا له ثم حرمت ، ليس بظهار ، وإذا اختصرت الخلاف في الجميع ، جاء سبعة أقوال وأوجه . أحدها : اقتصار الظهار على التشبيه بالأم . والثاني : إلحاق الجدات [ ص: 265 ] بها فقط . والثالث : إلحاق محارم النسب . والرابع : إلحاق محارم الرضاع أيضا إذا لم يعهدن محللات . الخامس : إلحاقهن بحذف هذا الشرط . والسادس : إلحاق محارم المصاهرة بالشرط المذكور . السابع : إلحاقهن بحذف الشرط . المحرمات بالسبب
والمذهب : إلحاق كل من لم تزل محرمة من الجميع فقط . ولو شبه بمن لا تحرم مؤبدا كأجنبية ، ومطلقة ، ومعتدة ، ومجوسية ، ومرتدة ، وأخت امرأته ، فليس بظهار قطعا ، سواء طرأ ما يؤيد التحريم ، بأن نكح بنت الأجنبية ، أو وطئ أمها وطئا محرما ، أم لم يطرأ . ولو شبه بملاعنته ، فليس بظهار ، لأن تحريمها ليس للمحرمية والوصلة ، ولو شبهها بأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو قالت : أنت علي كظهر ابني ، أو أبي ، أو غلامي ، فليس بظهار .
فرع
، فلا يلزم به شيء ، بل يختص بالرجال [ كالطلاق ] قالت لزوجها : أنت علي كظهر أمي ، أو أنا عليك كظهر أمك
فصل
تعليق الظهار صحيح ، فإذا قال : ، فوجدت الصفة ، صار مظاهرا منها . ولو إن دخلت الدار ، وإذا جاء رأس الشهر ، فأنت علي كظهر أمي صار مظاهرا منهما جميعا . ولو قال : إن ظاهرت من إحداكما ، أو أيكما ظاهرت منها ، فالأخرى علي كظهر أمي ، ثم ظاهر من إحداهما ، صار مظاهرا من الأخرى أيضا . ولو قال : إن ظاهرت من حفصة ، فعمرة علي كظهر أمي وهما في نكاحه ، ثم ظاهر من حفصة ، لم يصر مظاهرا من زوجته ، لأن الظهار من الأجنبية لا ينعقد ، إلا أن يريد التلفظ بلفظ الظهار ، فيصير بالتلفظ مظاهرا من زوجته . ولو نكح فلانة ثم ظاهر منها ، صار مظاهرا من زوجته [ ص: 266 ] الأولى . ولو قال : إن ظاهرت من فلانة ، فأنت علي كظهر أمي ، وكانت فلانة أجنبية ، فخاطبها بلفظ الظهار ، فإن خاطبها بلفظ الظهار قبل أن ينكحها ، فحكمه ما سبق . فإن نكحها ثم ظاهر منها ، فهل يصير مظاهرا من الزوجة الأولى ؟ وجهان . أصحهما : نعم ، ويكون لفظ الأجنبية تعريفا لا شرطا ، كما لو قال : لا أدخل دار زيد هذه ، فباعها ، ثم دخلها ، حنث ، ولو قال : إن ظاهرت من فلانة الأجنبية ، فأنت علي كظهر أمي ، فسواء خاطبها بلفظ الظهار قبل أن ينكحها ، أو نكحها ، وظاهر منها ، لا يصير مظاهرا من المعلق ظهارها ، لأنه شرط المظاهرة منها وهي أجنبية ، ولم يوجد الشرط ، وهو كقوله : إن بعت الخمر ، فأنت طالق ، أو كظهر أمي ، فأتى بلفظ البيع ، لا يقع الطلاق ولا الظهار ، تنزيلا للفظ العقود على الصحة . وعند قال : إن ظاهرت من فلانة أجنبية ، أو وهي أجنبية ، فأنت علي كظهر أمي المزني ، ينزل في مثل هذا على صورة العقد ، ومن الأصحاب من وافقه ، فصحح الظهار هنا .
فرع
، فعن قال : إن دخلت الدار ، فأنت علي كظهر أمي ، فدخلت الدار وهو مجنون ، أو ناس : أن في حصول العود ولزوم الكفارة قولين . قال ابن القطان : وعندي أنها تلزم بلا خلاف ، كما لو علق طلاقها بالدخول ، فدخلت وهو مجنون ، وإنما يؤثر النسيان والإكراه ، في فعل المحلوف على فعله ، وهذا هو الصواب . ابن كج
فصل
سبق أن كل واحد من لفظي الطلاق والظهار ، لا يجوز أن يجعل كناية عن الآخر ، وأن قوله لزوجته : أنت علي حرام ، يصح كناية عن الطلاق والظهار . فإذا ، فله أحوال . أحدها : أن لا ينوي شيئا ، فتطلق ، ولا يصح الظهار . قال : أنت طالق كظهر أمي
[ ص: 267 ] الثاني : أن يقصد بكل كلامه الطلاق وحده وأكده بلفظ الظهار ، فيقع الطلاق ولا ظهار .
الثالث : أن يقصد بالجمع الظهار ، فتطلق ، ولا ظهار على الصحيح ، لأن لفظ الطلاق ليس بظهار ، والباقي ليس بصريح في الظهار ، لعدم استقلاله ، ولم ينو به الظهار ، وإنما نواه بالمجموع . الرابع : أن يقصد الطلاق والظهار ، فينظر ، إن قصدهما بمجموع كلامه ، حصل الطلاق ولا يحصل الظهار على الصحيح . وقيل : يحصل لإقراره به ، وإن قصد الطلاق بقوله : أنت طالق ، والظهار بقوله : كظهر أمي ، طلقت ، فإن كانت تبين بالطلاق ، لم يصح الظهار ، وإلا فيصح الظهار مع الطلاق ، وقيل : لا يصح ، وهو ضعيف . وإن قال : أردت بقولي : " أنت طالق " الظهار ، وبقولي : كظهر أمي الطلاق ، وقع الطلاق وحده . وإن قال : أنت علي كظهر أمي طالق ، قال : إن أراد الظهار والطلاق ، حصلا ، ولا يكون عائدا ، لأنه عقب الظهار بالطلاق ، فإن راجع ، كان عائدا ، وإن لم يرد شيئا ، صح الظهار . وفي وقوع الطلاق وجهان . ابن كج
فرع
، فهو طلاق على الأظهر الأشهر ، وفي قول : ظهار ، وقيل : طلاق قطعا ، وقيل : طلاق وظهار ، حكاه قال : أنت علي حرام كظهر أمي ، فإن نوى بكلامه الطلاق فقط . وإن نوى بكلامه الظهار ، فظهار ، وإن نوى الطلاق والظهار جميعا ، نظر ، إن أرادهما بمجموع الكلام ، أو بقوله : أنت علي حرام ، لم يثبتا معا ، وأيهما يثبت ؟ فيه أوجه . ابن كج
أحدها : الطلاق ، والثاني : الظهار ، والثالث وبه قال ابن الحداد والجمهور : يخير فيثبت ما اختاره منهما ، وإن أراد بقوله : " أنت علي حرام " الطلاق ، وبقوله : " كظهر أمي " الظهار ، وقع الطلاق وحصل الظهار إن كان الطلاق رجعيا على الصحيح ، وإن كان بائنا ، فلا . وإن أراد بقوله : " أنت علي حرام الظهار " ، وبقوله : " كظهر [ ص: 268 ] أمي الطلاق " ، حصل الظهار قطعا ، ولا يقع الطلاق على الصحيح ، وإن قال : أردت بقولي : " أنت علي حرام " تحريم ذاتها الذي مقتضاه كفارة يمين ، قبل منه على الأصح ، وقيل : لا يقبل ويكون مظاهرا ، لأنه وصف التحريم بما يقتضي الكفارة العظمى ، فلا يقبل رده إلى الصغرى ، فعلى الأول ، إن لم ينو بقوله : " كظهر أمي " الظهار ، لم يلزمه شيء سوى كفارة اليمين ، ويكون قوله : كظهر أمي تأكيدا للتحريم ، وإن نوى الظهار ، لزمه كفارة اليمين ، وكان مظاهرا . وأما إذا أطلق ولم ينو شيئا يحتمله كلامه ، فلا طلاق لعدم الصريح والنية ، وفي كونه ظهارا وجهان . المنصوص في الأم أنه ظهار .
فرع
، قاله قال : أنت علي كظهر أمي حرام ، كان مظاهرا المتولي : فإن لم ينو بقوله : " حرام " شيئا ، كان تأكيدا ، وإن نوى تحريم عينها ، فكذلك ، ويدخل مقتضى التحريم وهو الكفارة الصغرى ، في مقتضى الظهار وهو الكفارة العظمى ، وإن نوى به الطلاق ، فقد عقب الظهار بالطلاق ، فلا عود .
فرع
، كان طلاقا ، وكذا قوله : كروح أمي وعينها ، وبالله التوفيق . قال : أنت مثل أمي ونوى الطلاق