المسألة الرابعة : غير مضمونة عليه إن قلنا بضمان العقد ، وإن طالبته بالتسليم فامتنع . أما إذا قلنا بضمان اليد ، فعليه أجرة المثل من وقت الامتناع . وأما المنافع التي استوفاها بركوب أو لبس ، أو [ ص: 257 ] استخدام ونحوها ، فلا يضمنها على قول ضمان العقد ، إن قلنا : جناية البائع كآفة . وإن قلنا : هي كجناية أجنبي ، أو قلنا بضمان اليد ، ضمنها بأجرة المثل . المنافع الفائتة في يد الزوج
فرع
قال الأصحاب : القولان في ضمان العقد واليد مبنيان على أن الصداق نحلة وعطية ، أم عوض كالعوض في البيع ؟ وربما ردوا القولين إلى أن الغالب عليه شبه النحلة أم العوض ؟ ودليل النحلة قول الله تعالى : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة [ النساء : 3 ] ، ولأن النكاح لا يفسد بفساده ، ولا ينفسخ برده . ودليل العوض ، أن قوله : زوجتك بكذا ، كقوله : بعتك بكذا ، أو لأنها تتمكن من الرد بالعيب ، ولأنها تحبس نفسها لاستيفائه [ و ] لأنه تثبت الشفعة فيه ، وهذا أصح . وأجابوا عن الآية بجوابين . أحدهما : أنه يجوز أن يكون المراد بالنحلة : الدين ، يقال : فلان ينتحل كذا ، فالمعنى : آتوهن صدقاتهن تدينا . والثاني : يجوز أن يكون المعنى : عطية من عند الله - تعالى - لهن . وإنما لا يفسد النكاح بفساده ; لأنه ليس ركنا في النكاح ، مع أنه حكي قول قديم أنه . يفسد النكاح بفساد الصداق
فصل
إذا ، فقولان . أظهرهما : يجب مهر [ ص: 258 ] المثل . والثاني : قيمته بتقدير الرق ، وينسب هذا إلى القديم . قال فسد الصداق بأن أصدقها حرا الشيخ أبو حامد والصيدلاني والقاضي حسين والبغوي وغيرهم : قولان فيما إذا قال : أصدقتك هذا العبد وهو عالم بحريته ، أو جاهل . أما لو قال : أصدقتك هذا الحر ، فالعبارة فاسدة ، فيجب مهر المثل قطعا . وحكى المتولي طريقة أخرى ، أنه لا فرق بين اللفظين في جريان القولين . ولو قال : أصدقتك هذا واقتصر عليه ، فلا خلل في العبارة ، ففيه القولان . ولو ذكر خمرا أو خنزيرا أو ميتة ، فقيل : يجب مهر المثل قطعا . وقيل : على القولين . فعلى هذا يعود النظر في عبارته ، إن قال : أصدقتك هذا الخمر أو الخنزير ، فالعبارة فاسدة . وإن قال : هذا العصير أو النعجة ، فهو موضع القولين ، وعلى هذا على قول الرجوع إلى بدل الصداق ، يقدر الخمر عصيرا ويجب مثله ، وقد حكينا في نكاح المشرك ، فيما إذا جرى قبضهم في خمر وجها أنها تقدر خلا ، ولم يذكروا هناك تقدير العصير ، والوجه التسوية بينهما . وحكينا وجها أنه تعتبر قيمة الخمر عن من يرى لها قيمة ، فلا يبعد مجيئه هنا ، بل ينبغي أن يرجح كما سبق في نكاح المشرك تفريق الصفقة ، والخنزير يقدر بقرة ، كذا قاله الإمام والبغوي . وقد سبق مثله في " كتاب نكاح المشرك " وقال : يقدر شاة ، والميتة تقدر مذكاة ، ثم الواجب فيها وفي الخنزير القيمة . هذا الاضطراب للأصحاب يزيد القول الأظهر القوة ، وهو وجوب مهر المثل . الغزالي