فصل في قاعدة متكررة في أبواب الفقه
وهي أنا إذا تيقنا وجود شيء أو عدمه ، ثم شككنا في تغيره وزواله عما كان عليه ، فإنا نستصحب اليقين الذي كان ، ونطرح الشك ، فإذا ، وهو الأبعاض ، فالأصل ، أنه لم يفعله ، فيسجد للسهو ، قال في ( التهذيب ) : هذا إذا كان الشك في ترك مأمور معين ، فأما إذا شك ، هل ترك مأمورا ، أم لا ؟ فلا يسجد كما لو شك : هل سها ، أم لا ؟ [ ص: 308 ] ولو شك في ارتكاب منهي ، كالسلام والكلام ناسيا ، فالأصل أنه لم يفعل ، ولا سجود . ولو تيقن السهو ، وشك هل سجد له ، أم لا ؟ فليسجد ، لأن الأصل عدم السجود . ولو شك في ترك مأمور ينجبر تركه بالسجود ؟ سجد أخرى . شك هل سجد للسهو سجدة ، أم سجدتين
قلت : ولو - سجد . والله أعلم . تيقن السهو ، وشك هل هو ترك مأمور ، أو ارتكاب منهي
ولو ، أخذ بالأقل ، وأتى بالباقي ، وسجد للسهو . ولا ينفعه الظن ، ولا أثر للاجتهاد في هذا الباب . ولا يجوز العمل فيه بقول غيره . وفي وجه شاذ : أنه يجوز الرجوع إلى قول جمع كثير كانوا يرقبون صلاته . شك هل صلى ثلاثا ، أم أربعا
وكذلك الإمام إذا ، لا يرجع إلى قولهم وفي وجه شاذ : يرجع إن كثر عددهم . واختلفوا في سبب السجود ، إذا شك : هل صلى ثلاثا ، أم أربعا ؟ فقال قام إلى ركعة ظنها رابعة ، وعند القوم أنها خامسة ، فنبهوه الشيخ أبو محمد وطائفة : المعتمد فيه الخبر ، ولا يظهر معناه . واختاره ، إمام الحرمين . وقال والغزالي القفال ، والشيخ أبو علي ، وصاحب ( التهذيب ) وآخرون : سببه : التردد في الركعة التي يأتي بها ، هل هي رابعة ، أم زائدة توجب السجود ، وهذا التردد يقتضي الجبر بالسجود .
قلت : الثاني أصح . والله أعلم .
فلو زال التردد قبل السلام ، وعرف أن التي يأتي بها رابعة ، لم يسجد على الأول . وعلى الثاني : يسجد . وضبط أصحاب هذا الوجه صورة الشك وزواله فقالوا : إن كان ما فعله من وقت عروض الشك إلى زواله ، ما لا بد منه على كل احتمال ، فلا يسجد للسهو . فإن كان زائدا على بعض الاحتمالات سجد . مثاله : شك في قيامه في الظهر أن تلك الركعة ثالثة ، أم رابعة ؟ فركع وسجد على هذا الشك ، وهو على عزم القيام إلى ركعة أخرى أخذا باليقين ، ثم [ ص: 309 ] تذكر قبل القيام أنها ثالثة ، أو رابعة ، فلا يسجد ، لأن ما فعله على الشك لا بد منه على التقديرين . فإن لم يتذكر حتى قام ، سجد للسهو وإن تيقن أن التي قام إليها رابعة ، لأن احتمال الزيادة وكونها خامسة كان ثابتا حين قام .
قلت : ؟ فسيأتي في بابه إن شاء الله تعالى ، لأنه لا تحسب له هذه الركعة . قال ولو شك المسبوق ، هل أدرك ركوع الإمام ، أم لا في ( الفتاوى ) : فعلى هذا يسجد للسهو ، كما لو شك ، هل صلى ثلاثا ، أم أربعا ؟ هذا الذي قاله الغزالي ظاهر . ولا يقال : يتحمله عنه الإمام ، لأن هذا الشخص بعد سلام الإمام شاك في عدد ركعاته . والله أعلم . الغزالي
فرع
إذا ، أو في فعل ركن ، فالأصل : أنه لم يفعل ، فيجب البناء على اليقين ، كما تقدم . وإن وقع هذا شك في أثناء الصلاة في عدد الركعات ، فالمذهب : أنه لا شيء عليه ، ولا أثر لهذا الشك . وقيل : فيه ثلاثة أقوال أحدها : هذا . والثاني : يجب الأخذ باليقين . فإن كان الفصل قريبا بنى . وإن طال استأنف . والثالث : إن قرب الفصل ، وجب البناء . وإن طال ، فلا شيء عليه . وأما ضبط طول الفصل ، فيحتاج إليه هنا وفيما إذا تيقن أنه ترك ركنا ، وذكره بعد السلام . وفي قدره قولان أظهرهما ، نصه في ( الأم ) : يرجع فيه إلى العرف . والثاني ، نصه في ( الشك بعد السلام ) : أن الطويل ما يزيد على قدر ركعة . ولنا وجه : أن الطويل : قدر الصلاة التي هو فيها . ثم إذا جوزنا البناء ، فلا فرق بين أن يتكلم بعد السلام ، أو يخرج من المسجد ويستدبر القبلة ، وبين أن لا يفعل ذلك . ولنا وجه ضعيف : أن القدر المنقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في [ ص: 310 ] الفصل محتمل . فإن زاد ، فلا . والمنقول : البويطي . أنه صلى الله عليه وسلم قام ومضى إلى ناحية المسجد ، وراجع ذا اليدين ، وسأل الجماعة ، فأجابوا