فصل
قال الأصحاب : إذا ، فالقول قول نافيه عملا بأصل العدم إلا في ثلاثة مواضع . اختلف الزوجان في الوطء
إحداها : إذا ، فالقول قوله بيمينه ، سواء كان ذلك قبل المدة أم بعدها ، وسواء كان خصيا أو مقطوع بعض الذكر ، إذا كان الباقي بحيث يمكن الجماع به ، أو ، ادعت عجزه . وقيل : في الخصي والمقطوع ، [ ص: 202 ] فالقول قولها بيمينها ; لأن ذلك يقوي جانبها ، والصحيح الأول . ولو اختلفا في القدر الباقي ، هل يمكن الجماع به ؟ قال الأكثرون : فالقول قولها . وقال صاحب الشامل : ينبغي أن يرى أهل الخبرة ليعرفوا قدره ، ويخبروا عن الحال ، كما لو ادعت أنه مجبوب فأنكر ، قال ادعت عنته فقال : أصبتها المتولي : وهذا هو الأصح . ولو ادعت عجزه بعد مضي السنة ، وادعى أنها امتنعت ، فإن كان لأحدهما بينة ، حكم بها ، وإلا ، فالقول قوله ; لأن الأصل دوام النكاح . فإذا حلف ، ضرب القاضي المدة ثانيا وأسكنهما في جوار قوم ثقات يتفقدون حالهما . فإذا مضت المدة ، اعتمد القاضي قول الثقات وجرى عليه ، كذا ذكره المتولي .
الثاني : إذا ، فالقول قوله استدامة للنكاح . ولو قالت في هذين الموضعين : أنا بكر ، فوجهان . أحدهما وهو ظاهر النص : إن شهد أربع نسوة ببكارتها ، حكم بعدم الإصابة من غير تحليفها ، فلو قال بعد شهادتهن : أصبتها ولم أبالغ ، فعادت البكارة وطلب يمينها ، سمعت دعواه وحلفت . وإن لم يدع شيئا ، لم تحلف . والثاني وبه قال طالبته في الإيلاء بالفيأة والطلاق فقال : وطئتها أبو علي في الإفصاح وابن القطان ، والإمام وابن كج وغيرهم : تحلف الزوجة مع البينة على قيام البكارة ; لأن البكارة وإن كانت موجودة ، فاحتمال الزوال والعود قائم ، وإن لم يدع الزوج ، فلا بد من الاحتياط . ثم إذا حلفت بعد دعواه أو دونها [ حلفت ] على أنه لم يصبها ، أو على أن بكارتها هي البكارة الأصلية ، ولها حق الفسخ بعد يمينها . وإن نكلت ، حلف الزوج وبطل الخيار . وإن نكل الزوج أيضا ، فوجهان . أصحهما : لها الفسخ ويكون نكوله كحلفها ; لأن [ ص: 203 ] الظاهر أن بكارتها هي الأصلية . والثاني : المنع ; لأن ما قاله محتمل ، والأصل دوام النكاح . والغزالي
الموضع الثالث : قالت ، طلقني بعد الدخول فلي كل المهر ، فقال : بل قبله فلك النصف ، فالقول قوله للأصل ، وعليها العدة مؤاخذة بقولها ، ولا نفقة ولا سكنى ، وللزوج نكاح بنتها وأختها وأربعا سواها في الحال . فلو أتت بولد لزمن محتمل ، ثبت النسب وتقوى به جانبها ، فيرجع إلى تصديقها ، وتطالب الزوج بالنصف الثاني ، ولا بد من يمينها على ما ذكره الإمام والعبادي ; لأن ثبوت النسب لا يورث يقين الوطء ، ويمكن أن يجيء فيه الخلاف المذكور فيما إذا ظهرت البكارة ، وهذه الصورة هي محل الاستثناء من تصديق النافي . فإن لاعن الزوج ونفى الولد ، فقد زال المرجح فتعود إلى تصديقه ، ويستمر الأمر على ما سبق .
وحيث قلنا : القول قول نافي الإصابة ، فذلك إذا لم يوافق على جريان خلوه ، فإن وافق ، فقولان . أظهرهما : أن الحكم كذلك ، والثاني : تصديق المثبت . فعلى هذا : تضم هذه الصورة إلى مواضع الاستثناء من تصديق النافي وتصير أربعة ، وبالله التوفيق .
قلت : عجب قول الإمام الرافعي رحمه الله : فيما إذا أتت بولد لزمن محتمل أنها المصدقة ويمكن أن يجيء فيه الخلاف ، والمسألة مشهورة ، ففي المهذب والتنبيه وغيرهما من الكتب المشهورة ، في المسألة قولان ، في أن القول قولها ، أم قوله ; لأن النسب يثبت بالإمكان ، ولأنه قد يولج بعض الحشفة أو يباشر فيما قارب الفرج فيدخل المني فيلحق النسب ولا وطء . والله أعلم .