فصل
وجب قضاؤها وينبغي أن يقضيها على الفور ، فإن أخرها ففيه كلام نذكره في الحج إن شاء الله تعالى . من فاتته صلاة فريضة
فإن قضى فائتة الليل بالليل جهر ، وإن قضى فائتة النهار بالنهار أسر ، وإن قضى فائتة النهار ليلا أو عكس فالاعتبار بوقت القضاء على الأصح ، وعلى الثاني بوقت الفوائت .
قلت : صلاة الصبح ، وإن كانت نهارية ، فهي في القضاء جهرية ولوقتها ، حكم الليل في الجهر ، وإطلاقهم محمول على هذا . والله أعلم .
ويستحب في قضاء الصلوات الترتيب ، ولا يجب في قضائها ولا بين فريضة الوقت والمقضية . فإن دخل وقت فريضة وتذكر فائتة ، فإن اتسع وقت الحاضرة استحب البداءة بالفائتة ، وإن ضاق وجب تقديم الحاضرة ، ولو [ ص: 270 ] تذكر الفائتة بعد شروعه في الحاضرة ، أتمها ، ضاق الوقت ، أم اتسع ، ثم يقضي الفائتة ، ويستحب أن يعيد الحاضرة بعدها .
قلت : ولو ، وجب قطعها والشروع في الحاضرة على الصحيح ، وعلى الشاذ يجب إتمام الفائتة . شرع في الفائتة معتقدا أن في الوقت سعة فبان ضيقه
ولو تذكر فائتة وهناك جماعة يصلون في الحاضرة ، والوقت متسع ، فالأولى أن يصلي الفائتة أولا منفردا ؛ لأن الترتيب مختلف في وجوبه ، والقضاء خلف الأداء مختلف في جوازه فاستحب الخروج من الخلاف .
ولو ، فوجهان : فاته صلوات لا يعرف قدرها ، ويعلم أنها لا تنقص عن عشر صلوات ولا تزيد على عشرين
أحدهما : يلزمه العشر ، وأصحهما : العشرون .
واعلم أن الصلاة تشتمل على فرائض وسنن ، كما سبق ، ولها شروط سيأتي بيانها في بابها ، إن شاء الله تعالى .
قال صاحب ( التهذيب ) : شروط الصلاة قبل الشروع فيها ، خمسة : ، الطهارة عن الحدث والنجس ، وستر العورة ، واستقبال القبلة أو ظنا بالاجتهاد ونحوه ، والخامس : العلم بفرضية الصلاة ومعرفة أعمالها . والعلم بدخول الوقت يقينا
قال : فإن جهل فرضية أصل الصلاة ، أو علم أن بعض الصلوات فريضة ، لكن لم يعلم فرضية الصلاة التي شرع فيها لم تصح صلاته .
وكذا إذا لم يعرف فرضية الوضوء . أما إذا علم فرضية الصلاة ، ولم يعلم أركانها ، فله ثلاثة أحوال ؛ أحدها : أن يعتقد جميع أفعالها سنة ، والثاني : أن يعتقد بعضها فرضا ، وبعضها سنة ، ولا يعرف تمييزها ، فلا تصح صلاته قطعا . صرح به القاضي حسين ، وصاحب ( التتمة ) و ( التهذيب ) .
الثالث : أن يعتقد جميع أفعالها فرضا ، فوجهان حكاهما القاضي حسين ، وصاحب ( التهذيب ) :
أحدهما : لا تصح صلاته ؛ لأنه ترك معرفة ذلك ، وهي واجبة وأصحهما : تصح ، وبه قطع صاحب ( التتمة ) لأنه ليس فيه أكثر من أنه أدى سنة باعتقاد الفرض ، وذلك لا يؤثر . قال في ( التهذيب ) : فإن لم نصحح صلاته ، [ ص: 271 ] ففي صحة وضوئه في هذه الصورة ، وجهان :
هكذا ذكروا هذه المسائل ، ولم يفرقوا بين العامي وغيره ، وقال في ( الفتاوى ) : العامي الذي لا يميز فرائض صلاته من سننها ، تصح صلاته بشرط أن لا يقصد التنفل بما هو فرض . الغزالي
فإن نوى التنفل به ، لم يعتد به ، فإذا غفل عن التفصيل ، فنية الجملة في الابتداء كافية . هذا كلام ، وهو الظاهر الذي يقتضيه ظواهر أحوال الصحابة رضي الله عنهم ، فمن بعدهم . الغزالي
ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ألزم الأعراب ذلك ، ولا أمر بإعادة صلاة من لا يعلم هذا . والله أعلم .