فروع
تتعلق بالمسألة
إحداها : ، والوقف عليه وإبراءه من دين كالوصية له ، ففيها الخلاف . الهبة في مرض الموت للوارث
الثاني : لا اعتبار برد الورثة وإجازتهم في حياة الموصي . فلو أجازوا في حياته ، أو أذنوا له في الوصية ، ثم أرادوا الرد بعد موته ، فلهم ذلك . فإن أجازوا بعد الموت وقبل القسمة ، فالصحيح لزومها . وقيل : كالإجازة قبل الموت ، حكاه أبو منصور .
الثالث : ، وقدر التركة ، فإن جهل أحدهما ، لم يصح إن قلنا : الإجازة ابتداء عطية . وإن قلنا : تنفيذ ، فكالإبراء عن مجهول ، وهو باطل على الأظهر . ينبغي أن يعرف الوارث قدر الزائد على الثلث
الرابع : ، قال أجاز ثم قال : كنت أعتقد التركة قليلة ، فبانت أكثر مما ظننت - رضي الله عنه - في " الأم " : يحلف وتنفذ الوصية في القدر الذي كان يتحققه . قال الأصحاب : إنما يحتاج إلى اليمين إذا حصل المال في يد الموصى له . [ ص: 111 ] فإن لم يحصل ، فلا حاجة إلى اليمين إن جعلناها ابتداء عطية ، فإن الهبة قبل القبض لا تلزم . وقال الشافعي المتولي : التنفيذ في القدر المظنون مبني على أن الإجازة تنفيذ ، فتنزل منزلة الإبراء . أما إذا قلنا : ابتداء عطية ، فإذا حلف بطل في الجميع . واللفظ المحكي عن النص ينازعه فيما ادعاه . ولو أقام الموصى له بينة أنه كان عالما قدر التركة عند الإجازة لزمت إن جعلناها تنفيذا ، وإن قلنا : عطية ، فلا إذا لم يوجد القبض . ولو كانت الوصية بعبد معين ، فأجاز ، ثم قال : ظننت التركة كثيرة وأن العبد خارج من ثلثها وقد بان خلافه ، أو ظهر دين لم أعلمه ، أو بان لي أنه تلف بعضها ، فإن قلنا : الإجازة عطية ، صحت ; لأن العبد معلوم ، والجهالة في غيره . وإن قلنا : تنفيذ ، فقولان : أحدهما : الصحة للعلم بالعبد . والثاني : يحلف ولا يلزم إلا الثلث كما في الوصية بالمشاع ، وبهذا قطع المتولي .
الخامس : الاعتبار في كونه وارثا بيوم الموت حتى لو صحت . ولو أوصى لأخيه وله ابن ، فمات الابن قبل الموصي ، فهي وصية لوارث ، وهذا متفق عليه . وذكرنا في الإقرار للوارث خلافا في أن الاعتبار بيوم الإقرار ، أم الموت ؟ والفرق أن استقرار الوصية بالموت ، ولا ثبات لها قبله . أوصى لأخيه ولابن له ، فولد له ابن قبل موته
السادس : ، فوصيته باطلة ؛ لأنه يستحقه بلا وصية . ويجئ فيه أوجه : أنه يصح ; لأن صاحب " التتمة " حكى وجهين فيما إذا أوصى لكل واحد من ورثته بقدر حصته من تركته ، الصحيح منهما : أن الوصية باطلة ، ويأخذ التركة بالإرث . والثاني : تصح ، فيأخذها بالوصية إذا لم ينقضها ، قال : وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا ظهر دين . إن قلنا : إنه أخذ التركة إرثا ، فله إمساكها وقضاء الدين من غيرها . وإن قلنا بالوصية ، قضاه منها ولصاحب الدين الامتناع لو قضى من غيرها . إذا لم يكن له إلا وارث واحد فأوصى له بماله
[ ص: 112 ] قلت : ومن فوائده لو حدثت من عين التركة زوائد . إن قلنا : وصية ، لم يملكها . وإن قلنا : إرث ملكها على الصحيح . - والله أعلم - .
ولو ، فهل تحتاج هذه الوصية إلى الإجازة ، أم لا بل يختص كل واحد بما عينه له ؟ وجهان : أصحهما : تحتاج ، لاختلاف الأغراض في الأعيان ومنافعها . ولهذا أوصى أن تباع عين ماله لزيد ، صحت الوصية على الصحيح . وفيه وجه حكاه أوصى لكل وارث بعين هي قدر حصته ، من ثوب ، وعبد ، وغيرهما المتولي والشاشي .
السابع : لو ، نفذ قطعا . باع المريض ماله لوارثه بثمن المثل
الثامن : . إن صححنا الوصية للوارث ، وأجازت الورثة ، فالثلث بينهما . وإن أبطلناها ، أو ردها سائر الورثة ، بقي السدس للأجنبي على الصحيح . وقيل : تبطل فيه أيضا أخذا من تفريق الصفقة . وإن أوصى لهذا بالثلث ، ولهذا بالثلث ، فإن صححنا الوصية للوارث ، وأجاز سائر الورثة ، فلكل واحد منهما الثلث . وإن أبطلناها ، أو ردوا فلا شيء للوارث . ثم ينظر في كيفية الرد ، إن ردوا وصية الوارث ، سلم الثلث للأجنبي على الصحيح . وقيل : لا يسلم له إلا السدس . وإن قالوا : رددنا ما زاد على الثلث من الوصيتين ، فالأصح : أن للأجنبي الثلث . وقيل : السدس . أوصى بثلث ماله لأجنبي ووارث
التاسع : ، وأجاز الباقون ، سلم له الموصى به ، والباقي مشترك بينهم . قال الإمام : وذلك القدر ، خرج عن كونه موروثا باتفاق الورثة ، ولو أوصى لأحد ورثته بقدر نصيبه من التركة ، أو بما دونه ، فوجهان : أصحهما : أن الحكم كذلك . والثاني : أن الباقي لمن لم يوص له ، [ ص: 113 ] لاحتمال أن غرضه من الوصية تخصيصه بتلك الزيادة . ويتخرج على هذا الخلاف ما إذا أوصى لأجنبي بنصف ماله ، ولأحد ابنيه الحائزين بالنصف ، وأجازا الوصيتين ، فللأجنبي النصف . وفيما يستحقه الابن الموصى له وجهان : أصحهما : النصف . والثاني : الربع والسدس ، ويبقى نصف سدس الذي لم يوص له . ولو أجاز الابن الذي لم يوص له الوصيتين ، ولم يجز الموصى له وصية الأجنبي ، فالمسألة تصح من اثني عشر للأجنبي الثلث أربعة بلا إجازة ، ويأخذ سهما آخر من نصيب الذي أجاز ، فيجتمع له خمسة ، وللابن الموصى له سبعة ، منها ستة بالوصية وسهم ؛ لأنه لم يجز وصية الأجنبي ، كذا حكاه الأستاذ أوصى لبعض الورثة بأكثر من قدر نصيبه أبو منصور عن ابن سريج ، وهو قياس الوجه الأول ، وقياس الثاني : أن يأخذ الابن الموصى له ستة أسهم ، ويبقى للابن الآخر سهم . ولو لم يجز الابن الذي لم يوص له وصية الأجنبي ، فللأجنبي خمسة . ثم على قياس الوجه الأول ، للابن الموصى له ستة أسهم ، وللآخر سهم ، وعلى قياس الثاني له خمسة ، وللآخر سهمان .
العاشر : ، فلزيد الثلث والثلثان للابن الموصى له . وليس له زحمة زيد في الثلث ; لأن الوصية للأجنبي مستغنية عن الإجازة ، وفيه احتمال للمتأخرين . وإن ردا ، فثلث زيد بحاله ، ولا شيء للابن بالوصية . ولو أوصى لزيد بالثلث ، ولكل واحد من ابنيه بالثلث فردا ، لم يؤثر ردهما في حق زيد على الصحيح . وقيل : ليس له إلا ثلث الثلث بالشيوع . أوصى لزيد بثلث ماله ، ولأحد ابنيه الحائزين بالكل ، وأجازا الوصيتين
الحادي عشر : وقف دارا في مرض موته على ابنه الحائز . فإن أبطلنا الوصية للوارث فهو باطل . وإن صححناها بالإجازة ، فقال ابن الحداد : إن احتملها [ ص: 114 ] ثلث ماله لم يكن للوارث إبطال الوقف في شيء منها ; لأن تصرف المريض في ثلث ماله نافذ ، فإذا تمكن من قطع حق الوارث عن الثلث بالكلية ، فتمكنه من وقفه عليه أولى ، وإن زادت على الثلث ، لم يبطل الوقف في قدر الثلث . وأما الزيادة ، فليس للمريض تفويتها على الوارث ، فللوارث ردها وإبطالها . فإن أجاز ، فإجازته وقف منه على نفسه إن جعلنا إجازة الوارث عطية منه ، وإن جعلناها تنفيذا لزم الوقف . وقال القفال : له رد الكل في الوقف ؛ لأن الوصية بالثلث في حق الوارث كهي بالزيادة في حق غير الوارث . والصحيح المعروف قول ابن الحداد ، وعليه تتفرع الصور الآتية - إن شاء الله تعالى - . ثم ذكر الإمام أن صورة المسألة فيما إذا نجز الوقف في مرضه ، وكان الابن طفلا فقبله له ثم مات فأراد الابن الرد أو الإجازة ، لكن لا حاجة إلى هذا التصوير ؛ لأنه وإن كان بالغا فقبله بنفسه ، لم يمتنع عليه الرد بعد الموت ، إذ الإجازة المعتبرة هي الواقعة بعد الموت . ولو كان له ابن ، وبنت ، فوقف ثلث الدار على الابن ، والثلث على البنت ، فلا رد لهما إن خرجت الدار من الثلث . وإن زادت على الثلث ، فلهما رد الوقف في الزيادة . وإن وقفها عليهما نصفين ، والثلث يحتملها ، فإن رضي الابن فهي كما وقف ، وإلا ، فظاهر كلام ابن الحداد : أن له رد الوقف في ربع الدار ؛ لأنه لما وقف عليه النصف كان من حقه أن يقف على البنت الربع ، فإذا زاد ، كان للابن رده ، ثم لا يصير شيء منه وقفا عليه ; لأن الأب لم يقف عليه إلا النصف ، بل يكون الربع المردود بينهما أثلاثا ملكا ، وتكون القسمة من اثني عشر ، لحاجتنا إلى عدد لربعه ثلث ، فتسعة منها وقف عليهما ، وثلاثة ملك ، وكلاهما بالأثلاث . وقال الشيخ أبو علي : عندي أنه ليس للابن إبطال الوقف إلا في سدس الدار ، [ ص: 115 ] لأنه إنما تعتبر إجازته في حقه ، وحقه منحصر في ثلث الدار ، وقد وقف عليه النصف ، فليس له إلا تمام الثلثين ، لكن تتخير البنت في نصف السدس ، إن شاءت أجازت ، فيكون وقفا . وإن شاءت ردت ، فيكون ملكا .
قلت : قول أبي علي هو الأصح ، أو الصحيح ، أو الصواب . - والله أعلم - .
ولو وقف الدار على ابنه وزوجته نصفين ولا وارث سواهما ، قال ابن الحداد : قد نقص المريض من حق الابن ثلاثة أثمان الدار ، وهي ثلاثة أسباع حقه ، فله رد الوقف في حقها وهو الثمن إلى أربعة أسباعه ، ليكون الوقف عليها من نصيبها كالوقف عليه من نصيبه ، ويكون الباقي بينهما أثمانا ملكا ، فتكون القسمة من ستة وخمسين ، لحاجتنا إلى عدد لثمنه سبع ، فتكون أربعة أسباع الدار كلها - وهي اثنان وثلاثون - وقفا ، ثمانية وعشرون منها وقف على الابن ، وأربعة على الزوجة ، والباقي - وهو أربعة وعشرون - ملكا ، منها أحد وعشرون للابن ، وثلاثة لها . قال الشيخ أبو علي : ليس له رد الوقف إلا في تتمة حقه وهو ثلاثة أثمان الدار ، وأما الثمن ، فالخيار فيه للزوجة . ولو وقف ثلث الدار على أبيه ، وثلثها على أمه ، ولا وارث سواهما ، فالجواب على قياس ابن الحداد : أنه نقص من نصيب الأب ثلث الدار ؛ لأنه يستحق ثلثيها ، ولم يقف عليه إلا الثلث ، وذلك نصف نصيبه ، فله رد الوقف في نصف نصيبها وهو سدس الدار ، والباقي بينهما أثلاثا ملكا . وتقع القسمة من ستة ، لحاجتنا إلى عدد لثلثه نصف ، فيكون نصف الدار وقفا ، ونصفها ملكا أثلاثا . وعلى قياس الشيخ : لا يرد الوقف إلا في تتمة حقه ، وهو الثلث ، ولها الخيار في السدس . ولفظ ابن الحداد في المولدات يمكن تنزيله على ما قاله الشيخ ، فيرتفع الخلاف ، لكنه يحوج إلى ضرب تعسف .
[ ص: 116 ] فصل
باطلة سواء علم الموصي بموته ، أم لا . والوصية للميت