المسألة الثالثة : . قال الأصحاب : الوصية باطلة ; لأن مطلق اللفظ للتمليك ، والدابة لا تملك . وفرقوا بينه وبين الوصية المطلقة للعبد ، بأن العبد تنتظم مخاطبته ، ويتأتى منه القبول ، وربما عتق قبل موت الموصي ، فثبت له الملك . وقد سبق في الوقف المطلق عليها وجهان في كونه وقفا على مالكها ، فيشبه أن تكون الوصية على ذلك الخلاف . وقد يفرق بأن الوصية تمليك محض ، فينبغي أن تضاف إلى من تملك . أوصى لدابة غيره ، وقصد تمليكها ، أو أطلق
قلت : الفرق أصح . - والله أعلم - .
ولو فسر بالصرف في علفها صحت ; لأن علفها على مالكها ، فالقصد بهذه الوصية المالك . هذا هو ظاهر المنقول ، وبه قطع ، الغزالي والبغوي ، وغيرهما . [ ص: 106 ] ويحتمل طرد خلاف سبق في مثله في الوقف . فعلى الصحة في اشتراط قبول المالك وجهان : اختيار أبي زيد : لا يشترط ، ويجعل وصية للدابة . والأصح : الاشتراط ، وبه قطع صاحب " التلخيص " كسائر الوصايا . وهي وصية لمالكها ، كما لو أوصى لعمارة داره ، فعلى هذا ، يتعين صرفه إلى جهة الدابة على الأصح . وبه قطع صاحب " التلخيص " رعاية لغرض الموصي . فعلى هذا ، يتولى الإنفاق الوصي . فإن لم يكن ، فالقاضي ، أو من يأمره من المالك أو غيره . قال القفال : لا يتعين ، بل له إمساكه ، وينفق عليها من غيره .
فرع
لو انتقلت الدابة من مالكها إلى غيره ، فقياس كون الوصية للدابة الاستمرار لها . وقياس كونها للمالك اختصاصها بالمنتقل عنه .
قلت : بل القياس اختصاصها بالمنتقل إليه ، كما سبق في الوصية للعبد . - والله أعلم - .
فرع
، صحت الوصية . وإن أطلق ، فهل تبطل كالوصية للدابة ، أم تصح تنزيلا على الصرف في عمارته ومصلحته عملا بالعرف ؟ وجهان : أصحهما : الثاني ، ويصرفه القيم في الأهم والأصلح باجتهاده . وإن قال : أردت تمليك المسجد ، فقد ذكر بعضهم أن الوصية باطلة . ولك أن تقول : سبق أن للمسجد ملكا وعليه وقفا ، وذلك يقتضي صحة الوصية . أوصى لمسجد وفسر بالصرف في عمارته ومصلحته
[ ص: 107 ] قلت : هذا الذي أشار الإمام الرافعي إلى اختياره هو الأفقه والأرجح . - والله أعلم - .