مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وسواء كان بين مسلمين أو كافرين أو مسلم وكافر ( قال المزني ) وقد قطع بعتقه قبل دفع قيمته ودليل آخر من قوله أنه جعل قيمته يوم تكلم بعتقه فدل أنه في ذلك الوقت حر قبل دفع قيمته " . قال الماوردي : لا يخلو من ثلاثة أقسام : أن يكون بين مسلمين يعتق أحدهما حصته فاعتباره بيساره وإعساره على ما قدمناه ، وسواء كان العبد مسلما أو كافرا . حال العبد بين الشريكين إذا أعتقه أحدهما
والقسم الثاني : أن يكون بين كافرين ، فللعبد حالتان :
إحداهما : أن يكون كافرا ، فلا اعتراض عليهما في عتقه ، ما لم يتحاكموا فيه إلينا ، فإن تحاكموا فيه إلى حاكمنا ففي وجوب حكمه بينهما قولان :
أحدهما : لا يجب ويكون فيه مخيرا ، وهم فيه مخيرون .
والقول الثاني : يجب عليه الحكم ، ويجب عليهم الالتزام ، ويحكم بما يوجبه حكم الإسلام .
والحال الثانية : أن يكون العبد مسلما . فعلى حاكمنا أن يحكم بينهما فيه ، وعليهما التزام حكمه لتعلقه بحق المسلم ، فينفذ عتق المعتق وينظر حاله .
فإن كان موسرا ، وقيل يسري عتقه بلفظه ، لم يعترض عليه في دفع القيمة ، ما لم يطالب بها الشريك ، وكان له جميع ولائه ، ولا يمتنع ثبوت الولاء لكافر على مسلم ؛ لأنه كالنسب الذي يستوي فيه المسلم والكافر .
وإن قيل : إنه لا يعتق حصة الشريك إلا بدفع القيمة أو إنه موقوف مراعى ، فعلى الحاكم أن يأخذ المعتق بتعجيل القيمة ليتعجل بها عتق المسلم ولا يبقى عليه رق لكافر ، فإن عجلها وإلا أخذها الحاكم من ماله جبرا ، فإن قبلها الشريك وإلا أعتقها عليه حكما .
[ ص: 20 ] والقسم الثالث : أن فللعبد حالتان : يكون أحدهما مسلما والآخر كافرا ،
إحداهما : أن يكون كافرا ، فيستوي فيه حكم الشريكين ، سواء كان المعتق مسلما أو كافرا وسواء كان معسرا أو موسرا .
والحال الثانية : أن يكون العبد مسلما فلا يخلو حال معتقه منهما أن يكون هو المسلم ، أو الكافر .
فإن كان هو المسلم ، عتقت حصته ، وكان له ولاؤها فإن كان موسرا قوم عليه باقيه .
فإن قيل بنفوذ عتقه بسراية لفظه ، وقفت القيمة على مطالبة الشريك بها .
وإن قيل إن عتقه لا يسري إلا بدفع القيمة ، أخذ بتعجيلها لأن يتعجل عتقها ، ولا يستديم الكافر ملك رقها . وإن كان معسرا لم يسر عتقه ، وقيل للشريك الكافر لا يقر ملكك على استرقاق مسلم ، وأنت بين خيارين : إما أن تعتقه ، أو تبيعه على مسلم ، فإن دبره لم يقر تدبيره لما فيه من استيفاء رقه مدة حياته ، وإن كاتبه ففي إقراره على كتابته قولان ، وإن كان المعتق هو الكافر نفذ عتقه في حصته ، ونظر فإن كان معسرا لم يسر عتقه وأقر رق باقيه على ملك الشريك المسلم وإن كان موسرا .
فإن قيل بسراية عتقه بلفظه ، عتقت عليه وكان فيها كالمسلم ؛ لأنه يغرم قيمة متلف ، يستوي فيه المسلم والكافر .
وإن قيل : إن عتقه لا يقع إلا بدفع القيمة ، فقد اختلف أصحابنا في هذا التقويم ، هل يجري مجرى البيع ، أو مجرى قيمة مستهلك ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول المزني ، وبعض المتأخرين ، أنه تقويم مستهلك . فعلى هذا يقوم عليه كتقويمه على المسلم . ويؤخذ بتعجيل القيمة ليتعجل بها العتق .
والوجه الثاني : وهو قول شاذ من المتأخرين أنه يجري مجرى البيع ، فعلى هذا يكون جواز تقويمه في حق الكافر على قولين من ابتياع الكافر لعبد مسلم :
أحدهما : يبطل البيع ، ويبطل التقويم ، ويكون ملك رقه باقيا على الشريك المسلم .
والقول الثاني : لا يبطل البيع ، ولا يبطل التقويم ، ويعتق في حق الكافر كما يعتق في حق المسلم ، وهذا أظهرهما في التقويم . والأول أظهرهما في البيع ، لإفضاء التقويم إلى العتق وإفضاء البيع إلى الملك .