[ القول في اختلاف ] . الشهادة في السرقة
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو ، أو قال أحدهما : الكبش أبيض ، وقال الآخر : أسود ، لم يقطع حتى يجتمعا ويحلف مع شاهده أيهما شاء " . شهدا بأنه سرق من هذا البيت كبشا لفلان فقال أحدهما : غدوة ، وقال الآخر : عشية
قال الماوردي : ، فرواها بعض أصحابنا أنهما شهدا أنه سرق منه كيسا ، إشارة إلى كيس الدراهم والدنانير . اختلفت الرواية في صورة الشهادة
ورواها أكثرهم أنهما شهدا أنه سرق منه كبشا ، إشارة إلى كبش الغنم ، وهذه الرواية أصح الأمرين :
[ ص: 245 ] أحدهما : أن كيس الدراهم والدنانير شهادة بمجهول ، وكبش الغنم شهادة بمعلوم .
والثاني : أن الشافعي قال في الأم : ولو قال أحدهما : إنه أقرن ، وقال الآخر : إنه أجم ، وقال أحدهما : إنه كبش ، وقال الآخر : نعجة ، وهذا من أوصاف الغنم .
فإذا شهد الشاهدان بسرقة الكبش ، فقال أحدهما : سرقه غدوة ، وقال الآخر : سرقه عشية ، أو قال أحدهما : هو أبيض ، وقال الآخر : هو أسود ، لم تتفق شهادتهما على سرقة واحدة ، لأن السرقة غدوة غير السرقة عشية ، والمسروق الأبيض غير المسروق الأسود .
وحكي عن أبي حنيفة : أن الشهادة بالبياض والسواد غير مختلفة ، لأنه يجوز أن يكون أحد جانبي الكبش أبيض وجانبه الآخر أسود ، فيرى كل واحد منهما ما إلى جانبه فيصفه به ، وهذا ليس بصحيح لأمرين :
أحدهما : أن كل واحد منهما يشهد بصفة جميعه ، وهذا التأويل ينافيها .
والثاني : أنه تأويل شهادة محتملة بما بعد تأويلها ، والشهادة لا يحكم بها إلا مع انتفاء التأويل عنها .
فثبت أن شهادتهما غير متفقة على سرقة واحدة ، فلم تكمل بهما بينة توجب غرما ولا قطعا .