فصل : وأما القسم الثالث : وهو ، ليصل إلى العلم به من أقصى جهاته الممكنة ، وهو العقود من المناكح ، والبيوع ، والإجارات المفتقرة إلى مشاهدة المتعاقدين وسماع لفظهما بالعقد بذلا وقبولا ، وكذلك الإقرار والطلاق المفتقر إلى مشاهدة المقر والمطلق ، وسماع لفظهما بالإقرار والطلاق ، فلا تصح الشهادة فيهما بالأخبار المتظاهرة ، لأن ما أمكن إدراكه بعلم الحواس لم يجز أن يعمل فيه بالاستدلال المفضي إلى غالب الظن ، وهكذا لا يصح أن يشهد فيه بالمشاهدة دون السماع ، ولا بالسماع دون المشاهدة ، لجواز اشتباه الأصوات . ما لا يصح أن يشهد به إلا قطعا بالسماع والمعاينة إذا اجتمعا فيه
فلو لم تصح الشهادة به ، لأنه قد يحاكي الإنسان صوت غيره ، فيتشبه به ، فإن كان الحائل ثوبا ، نظر ، فإن كان صفيقا يمنع من تحقيق النظر ، منع من الشهادة ، وإن كان خفيفا يشف ، ففي جواز الشهادة وجهان : سمع الشاهدان لفظ المتعاقدين من وراء حائل ، وعرفا صوتهما
أحدهما : تجوز لأنه لا يمنع من يشاهده ما وراءه .
والوجه الثاني : لا تجوز لأن الاشتباه معه يجوز .