فصل : وأما مشاهدة التصرف في الملك من غير أن ينتشر به الخبر المتظاهر فيجوز أن يشهد للمتصرف فيه باليد ، ليحكم بها عند منازعته فيه .
فأما إن أراد أن يشهد له بملك عند مشاهدة التصرف ، فقد جوزه أبو حنيفة في قليل التصرف وكثيره ، لأنه لما جاز أن يشهد على بيعه لما في يده جاز أن يشهد له بملكه ، وهو على مذهب الشافعي معتبر بالتصرف وإن قل زمانه ، لم يجز أن يشهد له بالملك لأمرين :
أحدهما : أنه قد يتصرف تارة بالملك ، وتارة بتجارة ووكالة ، واستعارة ، فلم يتعين الملك بالتصرف .
والثاني : أنه لو دلت اليد والتصرف على الملك لما جاز للمدعي عند الحاكم أن يدعي دارا في يد رجل ، لأنه يصير مقرا له بملكها ، وفي جواز ادعائها بعد ذكر يده دليل على أن اليد غير موجبة للملك ، ولا يمنع صاحب اليد من البيع ، لأنه قد يبيع بالملك تارة ، وبالوكالة أخرى
فأما إذا طال زمان تصرفه حتى استمر ، وكان تصرفه في العين كالتصرف بالسكنى ، والإجارة ، والهدم ، والبناء ، فقد اختلف أصحابنا هل يصح الشهادة له بالملك على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي لا تصح له الشهادة بالملك لما قدمناه من تعليل الأمرين المتقدمين .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ، وأبي سعيد الإصطخري ، يصح أن يشهد له بالملك لأمرين :
[ ص: 38 ] أحدهما : أن أحكام الملك من شواهد الملك .
والثاني : أن إطلاق التصرف في العرف من دلائل الملك ، والأول أشبه .