مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن فإن نوى اليمين فهي يمين ، وإن لم ينو يمينا فليست بيمين : لأنها تحتمل أشهد بأمر الله ، ولو قال : أشهد ينويه يمينا لم يكن يمينا " . قال : أشهد بالله
قال الماوردي : وهو كما قال : وحكي عن أبي حنيفة أنه إذا قال : أشهد بالله ، أو قال : أشهد أنها يمين لما اقترن بها من عرف الشرع في قول الله تعالى : فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله [ النور : 6 ] وقال : إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله [ المنافقون : 1 ] ، وإذا اقترن بها أحد العرفين صارت يمينا ، ولا تكون الشهادة بالله عند الشافعي يمينا قاطعة ، لعلتين :
إحداهما : ما علل به الشافعي أنها تحتمل أشهد بأمر الله على وجه الشهادة بالأيمان بالله ، فخرجت عن حكم ما لا يحتمل .
[ ص: 278 ] والثانية : ما علل به أبو إسحاق المروزي أنها ما كانت جارية في عرف الخاصة والعامة ، والشهادة بما لا تعرفها العامة في الأيمان ، فزال عنها حكم اليمين .
فأما استدلال أبي حنيفة بعرف الشرع ، فقد قابله في حمله على شهادة الأيمان بالله عرف شرعي ، فلم يكن أحد العرفين أولى من الآخر ، فتعارضا ، ورجع إلى إرادته ، ولا يخلو حاله في قوله : أشهد بالله من ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يريد بها غير يمين ، فلا تكون يمينا ، وهو الذي خالف فيه أبو حنيفة .
والحال الثانية : أن يريد بها اليمين ، فتكون يمينا بوفاق أبي حنيفة ، لما وافقها من أحد العرفين .
والحال الثالثة : أن يطلق ولا تكون له فيها نية ، فقد اختلف أصحابنا في هذا الإطلاق على وجهين :
أحدهما : أن إطلاقها يوجب أن تكون يمينا لموافقة العرف الشرعي ، ويكون جواب الشافعي في أنها ليست بيمين محمولا على أنه لم يرد بها اليمين .
والوجه الثاني : أن إطلاقها يمنع من أن تكون يمينا لمخالفة عرف الاستعمال ، ويكون جواب الشافعي في أنها ليست بيمين محمولا على هذا الإطلاق .