مسألة : قال الشافعي ، رحمه الله تعالى : " ومن مرض له ولد أو والد فرآه منزولا به أو خاف فوت نفسه فلا بأس أن يدع الجمعة ، وكذلك إن لم يكن له ذو قرابة وكان ضائعا لا قيم له غيره أو له قيم غيره له شغل عنه في وقت الجمعة فلا بأس أن يدع له الجمعة ، تركها ابن عمر لمنزول به " .
قال الماوردي : وهذا كما قال .
: حضور الجمعة يسقط بالعذر : لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : . من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر
والعذر ضربان : عام ، وخاص .
فأما العام : فكالأمطار ، وخوف الفتن ، وحذر السلطان . وأما الخاص : فكالخوف من ظلم ذي يد قوية من سلطان أو غيره ، أو ، أو يخاف تلف مال هو مقيم على حفظه ، وسواء كان له قيم أم لا ، قد روي عن [ ص: 425 ] يخاف موت منزول به ، من ذي نسب أو سبب أو مودة عبد الله بن عمر أنه كان يستحم للجمعة فاستخرج على سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، فترك الجمعة وذهب إلى سعيد .
فأما إن لم يكن منزولا به ، وكان مريضا ، فإن لم يكن المرض شديدا مخوفا لم يكن ذلك عذرا في التأخير ، وإن كان مرضا شديدا فإن كان والدا أو ولدا كان ذلك عذرا في التأخير عن الجمعة ، سواء كان له قيم أم لا : لاختصاص الولد بفضل البر ، والوالد بفضل الحنو .
وإن كان ممن عدا الوالد والولد فإن لم يكن له قيم بأمره كان ذلك عذرا له في ترك الجمعة ، وإن كان له قيم سواه لم يكن ذلك عذرا ، ووجب عليه الحضور .
فأما إن كان عليه حق ثابت فهو على ضربين : أحدهما : أن يكون في الذمة كالأموال : فإن كان قادرا على أدائه لم يكن معذورا ، وكان بالتأخير عاصيا ، وإن كان معسرا به وخاف من يد صاحب الحق ومقاله كان ذلك عذرا في التأخير عنها .
والضرب الثاني : أن يكون الحق على يده فهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون مما لا يجوز العفو عنه ، ولا الصلح عليه ، كحد الزنا ، وقطع السرقة ، فليس ذلك عذرا في التأخير ، وعليه الحضور . والثاني : أن يكون مما يجوز العفو عنه ، والصلح عليه ، والمفاداة بالمال ، فهذا عذر في التأخير ، ليقع الصلح على مال .
وجملة ذلك : أن كل ما كان عذرا في التأخير عن الجماعة كان عذرا في التأخير عن الجمعة .