[ ص: 358 ] باب صلاة المسافر ، والجمع في السفر
مسألة : قال الشافعي ، رحمه الله تعالى : " وإذا ، فله أن يقصر بالصلاة . سافر الرجل سفرا يكون ستة وأربعين ميلا بالهاشمي ، وقال سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم أميالا فقصر ابن عباس أقصر إلى جدة وإلى الطائف ، وعسفان . قال الشافعي : وأقرب ذلك إلى مكة ستة وأربعون ميلا بالهاشمي ، وسافر ابن عمر إلى ريم فقصر ، قال مالك : وذلك نحو من أربعة برد " قال الماوردي : وهذا صحيح ، جملة الأسفار على أربعة أضرب ، واجب ، وطاعة ، ومباح ، ومعصية .
فالسفر الواجب كالحج ، والعمرة ، والجهاد ، والطاعة ، والسفر في طلب العلم ، وزيارة الوالدين .
والمباح سفر التجارة .
والمعصية السفر في قطع الطريق ، وإخافة السبل .
فأما فلا يجوز أن يقصر فيه ولا يفطر ، والكلام فيه يأتي فيما بعد . سفر المعصية
وأما السفر الواجب ، والطاعة ، والمباح فيجوز فيه القصر ، وقال داود بن علي : وهو مذهب عبد الله بن مسعود : لا يجوز القصر ، والفطر إلا في السفر الواجب وهو الحج ، والعمرة ، والجهاد ، تعلقا بقوله تعالى : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا [ النساء : 101 ] . فوردت الآية بإباحة القصر بشرط الخوف من الكفار ، وقصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجه وعمرته ، فلم يجز القصر في غيره ، قالوا : ولأن الصوم والإتمام واجب ، وترك الواجب لا يجوز إلى غير واجب ، وإنما يجوز تركه إلى واجب كترك التستر للختان ، وهذا غلط .
ودليلنا رواية يعلى بن أمية قال : عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فقلت : أباح الله تعالى القصر في الخوف ، فما بالنا نقصر في غير الخوف ؟ فقال : قد عجبت مما قد عجبت [ ص: 359 ] منه ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " القصر رخصة تصدق الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته فأخبر أن سألت صدقة من الله سبحانه على عباده ، وروي القصر في غير الخوف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سافر أينا فقصر الصلاة .
فأما تعلقهم بالآية فهي وإن اقتضت جواز القصر في الجهاد فالسنة تقتضي جوازه في غير الجهاد ، فاستعملناهما معا ، وأما قولهم : " لا يجوز ترك الواجب إلى غير واجب " فمنتقض بشيئين : أحدهما الفطر ، لأن داود يجوزه في السفر المباح ، وهو ترك واجب إلى غير واجب ، والثاني جائز وهو ترك واجب إلى غير واجب . الجمع بين الصلاتين في المطر