مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وإن صرخ الجنين أو تحرك ولم يصرخ ثم مات مكانه فديته تامة وإن لم يمت مكانه فالقول قول الجاني وعاقلته إنه مات من غير جناية .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا ففيه الدية كاملة ، إن كان ذكرا فمائة من الإبل ، وإن كان أنثى فخمسون من الإبل وحياته تعلم بالاستهلال تارة ، وبالحركة القوية أخرى ، والاستهلال هو الصياح والبكاء ، وفي معناه العطاس والأنين . ألقت من الضرب جنينا حيا ثم مات
وأما الحركة القوية فمثل ارتضاعه ، ورفع يده ، وحطها ، ومد رجله وقبضها ، وانقلابه من جنب إلى جنب إلى ما جرى هذا المجرى من الحركات التي لا تكون إلا في حي .
فأما الاختلاج والحركة الضعيفة فلا تدل على الحياة ، لأن لحم الذبيحة قد يختلج ولا يدل على بقاء الحياة ، وإنما تثبت حياته بأحد أمرين :
استهلال ، أو حركة قوية .
وبه قال أبو حنيفة وأكثر الفقهاء .
وقال مالك : تثبت حياته بالاستهلال ولا تثبت بالحركة .
وبه قال سعيد بن المسيب والحسن وابن سيرين .
واختلفوا في فأثبته بعضهم ونفاه آخرون ، واستدلوا على أن ما عدا الاستهلال لا تثبت به الحياة بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : العطاس : هل يكون استهلالا ؟ فخص الاستهلال بحكم الحياة فدل على أنه لا يثبت بغيره . إذا استهل المولود صلي عليه وورث
[ ص: 400 ] ولأنه لما استوى حكم قليل الاستهلال وكثيره في ثبوت الحياة وجب أن يستوي حكم قليل الحركة وكثيرها في عدم الحياة .
ودليلنا : هو أن ما دل على حياة الكبير دل على حياة الصغير كالاستهلال ، ولأن من دل الاستهلال على حياته دلت الحركة على حياته كالكبير .
فأما الخبر ففيه نص على الاستهلال وتنبيه على الحركة ، وأما قليل الحركة فما خرج عن حد الاختلاج دل على الحياة من قليل وكثير ، وما كان اختلاجا فليس بحركة فقد استوى حكم الحركة في قليلها وكثيرها .