مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وكذلك لو رموا بالمنجنيق معا فرجع الحجر عليهم فقتل أحدهم فترفع حصته من جنايته ويغرم عاقلة الباقين باقي ديته .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، فهو على ضربين : إذا جذب جماعة حجر منجنيق فأصابوا به رجلا فقتلوه
أحدهما : أن يقتلوا به رجلا من غيرهم ، فضمان نفسه على جميعهم ، ولهم في إصابته ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يقصدوا بحجر المنجنيق هدم جدار فيعترضه فيصيبه فهذا خطأ محض ، تجب الدية على عواقلهم مخففة بينهم بالسوية ، فإن كانوا عشرة تحمل عاقلة كل واحد منهم عشر ديته .
والحال الثانية : أن يقصدوا قتله بعينه فيتفقوا على اعتماده ، فهؤلاء عمد على جميعهم القود .
فإن قال بعضهم : عمدت ، وقال بعضهم : لم أعمد اقتص من العامد ، ولزم من أنكر العمد دية الخطأ في ماله بعد إحلافه ، ولا تتحملها العاقلة عنه ، لأنه اعتراف إلا أن يصدقوه فيتحملوا عنه .
والحال الثالثة : أن يقصدوا بحجر المنجنيق رمي جماعة ليقتلوا به أحدهم لا بعينه فهذه هي القتلة العمياء تكون عمد الخطأ ، لأنهم عمدوا الفعل فأخطئوا في تعيين النفس فلا قود فيه ، وتجب الدية على عواقلهم مغلظة .
روى عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : . من قتل في عمياء رميا بحجر أو ضربا بعصا فعليه عقل الخطأ ، ومن قتل اعتباطا فهو قود لا يحال بينه وبين قاتله فمن حال بينهما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه صرف ولا عدل
فالعمياء أن يرمي جماعة فيصيب أحدهم لا يعينه ، والاعتباط : أن يرمي أحدهم بعينه ، فإذا ثبت أن ديته على عواقل الجماعة فإنما يجب على عاقلة من جذب في الرمي دون من وضع الحجر في كفة المنجنيق ، ودون من يصيب المنجنيق ، لأن وقوع الحجر كان من الجذب ، فاقتضى أن تجب الدية على من تولاه ، ووضع الحجر يجري مجرى وضع السهم في وتر القوس ، فإن تولى الرمي غيره كان الضمان على الرامي دون واضع [ ص: 330 ] السهم ، وناصب المنجنيق يجري مجرى صانع القوس ، وأجراه بعض أصحابنا مجرى الممسك مع الذابح وبأنه أجرى فلا ضمان عليه .