فصل : وأما فضربان : من لم يكن له أمان ولا عهد
أحدهما : من بلغته دعوة الإسلام ، فنفوسهم مباحة ودماؤهم هدر لا تضمن بقود ولا عقل ، سواء كانوا أهل كتاب أو لم يكونوا ، كذلك دماء المرتدين عن الإسلام .
والضرب الثاني : أن يكونوا ممن لم تبلغه الدعوة ، قال الشافعي : ولا أحسب أحدا لم تبلغه دعوة الإسلام إلا أن يكون قوم وراء الذين يقاتلونا من الترك والجزر فدماؤهم محقونة حتى يدعوا إلى الإسلام فيمتنعوا فإن قتلوا قبل دعائهم إلى الإسلام ضمنت نفوسهم بالدية دون القود .
وقال أبو حنيفة : لا تضمن نفوسهم بقود ولا دية ، لأن دماء الكفار على الإباحة إلا من ثبت له عهد أو ذمة ، وهذا خطأ ، لأن الدماء محقونة إلا من ظهر منه المعاندة ، [ ص: 313 ] ولأنه لما حرم قتلهم قبل دعائهم ثبت حقن دمائهم ووجب ضمان نفوسهم كأهل العهد ، وهذه مسألة تأتي في كتاب السير مستوفاة ، فإذا تقرر ضمان دياتهم ففيها وجهان ، لأن الشافعي أطلقها فاختلف أصحابنا فيها من بعده على وجهين :
أحدهما : أنه كدية المسلم ، لأنه مولود على الفطرة لم تظهر منه معاندة .
والثاني : أنها كدية المجوس ثلثا عشر دية المسلم ، لأنها يقين مع الأصل براءة الذمة .