مسألة : قال الشافعي رحمه الله : وفي بقدر الشين الباقي بعد التئامه لا يبلغ بها الدية إن كان حرا ولا ثمنه إن كان عبدا ولأنه ليس في الجسد قدر معلوم سوى الجائفة . الجراح في غير الوجه والرأس
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن ما اقتضاه التعليل المتقدم من تغليظ شجاج الرأس ، والوجه على جراح الجسد يوجب اعتبار حكوماتها بحال الشين بعد الاندمال ، ولا يعتبر فيها أغلظ الأمرين ، وإذا كان كذلك لم يخل حال الجراح في الجسد من أن تكون على عضو أو في البدن ، فإن كانت على عضو اعتبر في حكومتها حال الشين بعد الاندمال ، فقوم سليما وشائنا ، ووجب بقسط ما بينهما من دية الحر وقيمة العبد إلا أن تزيد على دية العضو فينقص منها قدر ما يؤدي الاجتهاد إليه ، وإن كانت على البدن كالظهر والبطن والصدر ففيه وجهان :
أحدهما : وهو الظاهر من منصوص الشافعي : أنه يعتبر حكومة الشين ما لم تبلغ دية النفس ، فإن بلغها نقص منها ولا اعتبار بدية الجائفة .
والوجه الثاني : أنه يعتبر حكومة الشين ما لم تبلغ دية الجائفة ، فإذا بلغها نقص [ ص: 308 ] فيها ما يؤدي الاجتهاد إليه ، لأنها المقدر في جراح الجسد فأشبهت الموضحة في شجاج الرأس ، وقد يمكن أن يفضل بين الموضحة مع ما تقدمها وبين الجائفة مع غيرها أن ما تقدم الموضحة بعض الموضحة فلم يبلغ ديتها ، وغير الجائفة قد لا يكون بعضها لما فيه من كسر عظم وإتلاف لحم ، فجاز أن تزيد حكومتها على ديتها وهو الأصح ، فإن لم يكن للشين بعد اندماله أثر ولا للحكومة فيه قدر ففيه وجهان ذكرناهما من قبل :
أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج ، تكون هدرا .
والثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي : يعتبر ما قبل الاندمال ، ولا يقدر مع حال الألم وإراقة الدم ، فيعتبر ما قبل الاندمال حالا قبل حال حتى يبلغ إلى وقت الجرح وسيلان الدم للضرورة ، كما يلزم في حمل الأمة إذا أعتق بوطء شبهة أن يعتبر قيمته بعد ظهوره لما تقدرت قيمته عند علوقه والله أعلم .