مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وفي كل أنملة ثلث عقل أصبع إلا أنملة الإبهام فإنها مفصلان ففي أنملة الإبهام نصف عقل الإصبع .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لما قسط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجب أن يقسط دية الكف على أعداد أصابعها ، وفي كل إصبع ثلاث أنامل ، فيكون في كل أنملة ثلث دية إصبع ثلاثة أبعرة وثلث ، إلا الإبهام فإن فيها أنملتين فيجب في كل أنملة منها نصف دية إصبع خمسة أبعرة . دية الإصبع على أعداد أناملها
وقال مالك : أنملة الإبهام كغيرها يجب فيها ثلث دية إصبع ، لأنها ثلاث أنامل أحدها باطنة .
وهذا فاسد ، لأن لجميع الأصابع أنامل باطنة ، وإنما يقسط ديتها على ما ظهر من أناملها ، والظاهر من الإبهام أنملتان ومن غيرها ثلاث أنامل ، فلو خلق لرجل في إبهامه ثلاث أنامل وجب في كل أنملة منها ثلث دية الإصبع ، ولو خلق في غيرها أربع أنامل كان في كل أنملة منها ربع دية الإصبع ، ولو خلقت له خمس أنامل كان في كل أنملة منها خمس ديتها ، تقسيطا لدية الأصابع على أعداد أناملها ، وكذلك لو نقصت فكانت أنملتين كان في إحداهما نصف ديتها .
فإن قيل : فلم قسطتم دية الإصبع على ما زاد من أناملها ونقص ولم تفعلوا مثل ذلك في الأصابع إذا زادت ونقصت وجعلتم في الإصبع الزائدة حكومة ولم تقسطوا دية الكف على ما بقي من الأصابع بعد الإصبع الناقصة ؟
قيل : الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أنه لما اختلفت الأنامل في أصل الخلقة المعهودة بالزيادة والنقصان كان كذلك في الخلقة النادرة ، ولما لم يختلف الأصابع في أصل الخلقة المعهودة ، فارقها حكم الخلقة النادرة .
[ ص: 281 ] والثاني : أن الزائدة من الأصابع متميزة ومن الأنامل غير متميزة فلذلك اشتركت الأنامل وتفردت الأصابع .