فصل : القول في استحباب تأخير الوتر
إذا أراد صلاة الليل ينبغي له أن يؤخر الوتر ليختم به صلاته لقوله صلى الله عليه وسلم : صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بركعة ، فلو أراد أن يقوم إلى صلاة الليل بعد نومه ، وعند استيقاظه فالاختيار ، والأولى أن يؤخر الوتر حتى إذا استيقظ من نومه وصلى أوتر حينئذ ، فإن أوتر ، ثم نام ، وقام بعد ذلك إلى صلاته جاز ، فقد روي أن أبا بكر الصديق ، رضي الله عنه كان يوتر ، وينام ، ثم يقوم ، فيتهجد .
ومثله عن عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، وكان عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، ينام ، ثم يقوم ، فيتهجد ، ويوتر بعده .
ومثله عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وعبد الله بن مسعود ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لأبي بكر : أما أنت فتأخذ بالحزم ، وقال لعمر ، رضي الله عنه ، : وأما أنت فتعمل [ ص: 296 ] عمل الأجلاد ، فلو لم يلزمه إعادة الوتر ، وهو قول أوتر ، ونام ، ثم قام وصلى مالك ، وأبي حنيفة ، وحكي عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وابن عمر ، وهو مذهب أحمد بن حنبل أن ركعة وتره قد انتقضت فيشفعها بركعة ، ثم يتهجد ، بما أراد أن يوتر ، ثم يوتر بركعة .
والدلالة على صحة وتره ، وأن الإعادة لا تلزمه ما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي بكر ، رضي الله عنه ، ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : فلو أوتر قبل عشاء الآخرة لم يجزه لتقديمها قبل وقتها ، فلزمه إعادتها بعد صلاة العشاء ، فأما موضع القنوت وصفته فقد تقدم القول فيه فلم نحتج إلى إعادته . لا وتران في ليلة
وأما ، القراءة في الوتر فأبو حنيفة ، ومالك يختاران أن يقرأ في الأولى بعد الفاتحة " سبح " ، وفي الثانية : قل ياأيها الكافرون [ الكافرون : 1 ] ، وفي الثالثة : قل هو الله أحد [ الإخلاص : 1 ] ، وقد رواه ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكى ابن المنذر ، عن الشافعي أنه اختار أن يقرأ في الأولى بـ " سبح " وفي الثانية : قل ياأيها الكافرون وفي الثالثة : قل هو الله أحد " والمعوذتين " ، وقد روته عائشة ، رضي الله عنها ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذه الرواية أولى لزيادتها - والله أعلم - .