مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وفي ذهاب العقل الدية .
قال الماوردي : ضمنه بالدية دون القود ، وإنما سقط القود منه لأمرين : إذا جنى عليه فأذهب عقله
أحدهما : اختلاف الناس في محله ، فمن طائفة تقول محله الدماغ .
[ ص: 247 ] وأخرى تقول محله القلب .
وأخرى تقول مشترك فيهما ، وإن كان الأصح من أقاويلهم أن محله القلب لقول الله تعالى . فتكون لهم قلوب يعقلون بها [ الحج : 46 ] ولأنه نوع من العلوم .
والثاني : تعذر استيفائه ، لأنه يذهب بيسير الجناية ولا يذهب بكثيرها ، فأما الدية فواجبة فيه على كمالها لرواية عمرو بن حزم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في كتابه إلى اليمن في العقل الدية .
وروى جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : في العقل الدية مائة من الإبل .
وقضى عمر - رضي الله عنه - في المشجوج رأسه حين ذهب بها سمعه وعقله ولسانه وذكره بأربع ديات ، ولأن العقل أشرف من حواس الجسد كلها لامتيازه به من الحيوان البهيم ، وفرقه به بين الخير والشر ، وتوصله به إلى اختلاف المنافع ووقع المضار ، وتعلق التكليف به ، فكان أحق بكمال الدية من جميع الحواس مع تأثير ذهابه فيها وفقد أكثر منافعها .